كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 4)

وذهب إليه العلماء الأحبار (¬1)، ولا شك في اختلاف الناس، وتباعد مراتبهم في أمرين:
أحدهما: الفهم.
ثانيهما: حسن التعبير عن المفهوم، ألا ترى ما أحسن فهم زيد بن عمرو بن نُفيل (¬2)، وما أحسن تعبيره عما فهم حيث قال في قصيدته التي أوردها ابن إسحاق أول السيرة، وقال ابن هشام (¬3): هي لأمية بن أبي الصلت (¬4)، والمقصود منها قوله:
¬__________
(¬1) في (ب): " الأخيار "، وفي (ش): " العلماء والأخيار ".
(¬2) هو زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى القرشي العدوي، وكان الخطاب والد عمر بن الخطاب عمه وأخاه لأمه، وهو والد سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين بالجنة. وكان زيد بن عمرو أحد من اعتزل عبادة الأصنام، وامتنع مِنْ أكل ذبائحهم، وساح في أرض الشام يتطلب الدين القيم، فرأى النصارى واليهود، فكره دينهم، وقال: اللهم إني على دين إبراهيم، ولكنه لم يظفر بشريعة إبراهيم عليه السلام، ولا رأي من يوقفه عليها، ورأى النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه مات قبل البعثة بنحو خمس سنوات، وهو من أهل النجاة، فقد شهد له - صلى الله عليه وسلم - في خبر مطول صححه الحاكم 3/ 216 - 217، ووافقه الذهبي بأنه " يبعث أمة وحده ". انظر أخباره في " صحيح البخاري " (3826) و (3827)، و" تاريخ الإسلام " للذهبي 1/ 44 - 48، و" سير أعلام النبلاء " 1/ 126 و221 - 222.
(¬3) 1/ 242 - 244.
(¬4) هو أمية بن أبي الصلت بن أبي ربيعة الثقفي، شاعر جاهلي، حكيم من أهل الطائف، كان قد قرأ الكتب المتقدمة من كتب الله جل وعز، ورَغِبَ عن عبادة الأوثان، وكان يُخبر بأن نبياً يبعث، قد أظلَّ زمانه، ويؤمل أن يكون ذلك النبي، فلما بلغه خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، كفر به حَسَداً.
وفي " صحيح مسلم " (2255) عن الشريد (وقد تحرف في " خزانة الأدب " 1/ 247 بتحقيق عبد السلام هارون إلى: (الرشيد) بن سويد قال: ردفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوماً، فقال: " هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء؟ " قلت: نعم، قال: " هيه "، فأنشدته بيتاً، فقال: " هيه "، ثم أنشدته بيتاً، فقل: " هيه "، حتى أنشدته مئة بيت، فقال: " إن كاد ليُسلم ". وفي رواية: " فلقد كاد يسلم في شعره ".
وفي " صحيح البخاري " (3841) و (6147) و (6489)، لمسلم (2256) (3) =

الصفحة 90