كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 4)
إذ سُقِيَتْ بلدةٌ من بلا ... د سيقتْ (¬1) إليها فسَحَّتْ سِجَالا
وأسلمتُ نفسي لمن أسلمتْ ... له الأرضُ تحمِلُ صخراً ثقالا
دحاها فلمَّا استوت شدَّها ... سواءً وأرسى عليها الجبالا (¬2)
على (¬3) أن المتكلمين قد يضطرون إلى أشياء ركيكةٍ لا يعجز عن مثلها أهلُ الأثر والجمود، مثل (¬4) قولهم: لا نُجيب بلا، ولا نعم، ولا نفي، ولا إثباتٍ في قول خصومهم: إنَّ تقدير ووقوع الأفعال على خلاف علم الله محالٌ، ونحو ذلك.
وقد شنَّع الشيخ مختار في كتابه " المجتبى " عليهم في ذلك، وهو مشهورٌ في كتبهم، قال الشيخُ مختار: ولولا وجوده في كتبهم، ما صُدِّقَ مثل ذلك عليهم (¬5)، وأحسن الجواب عن ذلك، والمعارضة بأفعال الله تعالى، فإنها معلومةٌ، ومع كونِها معلومةً لم تخرُج عن كونها مقدورةً ممكنة (¬6)، وجوَّد القول في ذلك، وكم لهم أمثال ذلك (¬7) من المحارات، ومواقف العقول، وإنَّما بدأ أهل الأثر بما رجع إليه أهل الكلام.
¬__________
(¬1) تحرفت في (ب) إلى: " سقيت "، ورواية البيت في " السيرة ":
إذا هي سيقت إلى بلدة ... أطاعت فصبَّت عليها سجالا
والسجال: جمع سجل، وهي المملوءة ماء، استعارها لكثرة المطر.
(¬2) روايته في ابن هشام:
دحاها فلمَّا رآها استوت ... على الماء أرسى عليها الجبالا
ودحاها: بسطها، وأرسى: أثبت عليها، وثقلها بها.
(¬3) انفردت (أ) بزيادة قبل " على "، ونصها: " الوجه الثاني أن أصولكم تقتضي عدم الخوف من ذلك "، وليس محلها هنا، وستأتي قريباً.
(¬4) تحرفت في (أ) إلى: ثم.
(¬5) في (ش): عنهم.
(¬6) في (ج): ممكنة مقدورة.
(¬7) ساقطة من (أ).