كتاب العواصم والقواصم في الذب عن سنة أبي القاسم (اسم الجزء: 4)
القرآن على أن المراد بهم الإنذار، بل قد قَصَرَهُم على ذلك مبالغةً، والآيات في ذلك لا تحصى، منها قوله تعالى حاكياً عن محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الأحقاف: 9]، وقوله تعالى: {وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [آل عمران: 20]، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} [العنكبوت: 50]، وقد أوضح الله الحجة بخلق العقول، ثم قطع الأعذار بالإنذار على ألسنة الرسل، والعلماء ورثة الأنبياء، وهذه نُكتة نفيسة فتأمَّلها.
الوجه الثاني: أنا نعلمُ وكُلُّ مُنْصِفٍ (¬1)، أنه لو حضر النبي - صلى الله عليه وسلم - وحضرت المَهَرَةُ من أئمَّة علوم الفلسفة، وأهل الدِّرية التامة بدقائق المنطق والكلام، وحضر أئمة علم الكلام من أهل الإسلام، وأرادوا المناظرة في الأدلة: أن أهل (¬2) الكلام (¬3) من المسلمين يكونون أحذق في المناظرة من رسول الله، وقد ذكر معنى هذا (¬4) الإمام يحيى بن حمزة (¬5) في بعض كتبه.
فإن قيل: إنه (¬6) يلزم من هذا أن يكونوا أعلم من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومن جميع الأنبياء، وهذا معلوم القُبح والبطلان.
قلنا: معاذ الله أن يكون أحدٌ أعلم بالله، وبالأدلة عليه، وبالعلوم
¬__________
(¬1) تحرفت في (ب) إلى: مصنف.
(¬2) ساقطة من (أ).
(¬3) من قوله: " وحضر أئمَّة " إلى هنا ساقط من (ب).
(¬4) في (ج): هذا المعنى.
(¬5) " ابن حمزة " ساقط من (ش).
(¬6) " إنه " ساقطة من (أ).