كتاب زاد المعاد في هدي خير العباد (اسم الجزء: 4)
الْحَرَكَةِ كَثِيرَ الْمَوَادِّ فَهَذَا لَا يَكَادُ يُفْلِتُ مِنَ الْعَطَبِ.
وَأَصَحُّ الْفُصُولِ فِيهِ فَصْلُ الرَّبِيعِ. قَالَ أبقراط: إِنَّ فِي الْخَرِيفِ أَشَدَّ مَا تَكُونُ مِنَ الْأَمْرَاضِ، وَأَقْتَلَ، وَأَمَّا الرَّبِيعُ فَأَصَحُّ الْأَوْقَاتِ كُلِّهَا وَأَقَلُّهَا مَوْتًا، وَقَدْ جَرَتْ عَادَةُ الصَّيَادِلَةِ وَمُجَهِّزِي الْمَوْتَى أَنَّهُمْ يَسْتَدِينُونَ وَيَتَسَلَّفُونَ فِي الرَّبِيعِ وَالصَّيْفِ عَلَى فَصْلِ الْخَرِيفِ، فَهُوَ رَبِيعُهُمْ، وَهُمْ أَشْوَقُ شَيْءٍ إِلَيْهِ، وَأَفْرَحُ بِقُدُومِهِ، وَقَدْ رُوِيَ فِي حَدِيثِ: ( «إِذَا طَلَعَ النَّجْمُ ارْتَفَعَتِ الْعَاهَةُ عَنْ كُلِّ بَلَدٍ» ) . وَفُسِّرَ بِطُلُوعِ الثُّرَيَّا، وَفُسِّرَ بِطُلُوعِ النَّبَاتِ زَمَنَ الرَّبِيعِ وَمِنْهُ: {وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ} [الرحمن: 6] [الرَّحْمَنِ: 7] ، فَإِنَّ كَمَالَ طُلُوعِهِ وَتَمَامَهُ يَكُونُ فِي فَصْلِ الرَّبِيعِ، وَهُوَ الْفَصْلُ الَّذِي تَرْتَفِعُ فِيهِ الْآفَاتُ.
وَأَمَّا الثُّرَيَّا، فَالْأَمْرَاضُ تَكْثُرُ وَقْتَ طُلُوعِهَا مَعَ الْفَجْرِ وَسُقُوطِهَا.
قَالَ التميمي فِي كِتَابِ " مَادَّةِ الْبَقَاءِ ": أَشَدُّ أَوْقَاتِ السَّنَةِ فَسَادًا، وَأَعْظَمُهَا بَلِيَّةً عَلَى الْأَجْسَادِ وَقْتَانِ: أَحَدُهُمَا: وَقْتُ سُقُوطِ الثُّرَيَّا لِلْمَغِيبِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ.
الصفحة 38