كتاب الإمام في معرفة أحاديث الأحكام - ت آل حميد (اسم الجزء: 4)
ذهب بعض الناس إلى أن الفاء بمعنى الواو هنا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إذا ائتم بجبريل عليه السلام يجب أن يكون مصليا معه، وإذا حملت الفاء على حقيقتها وجب أن يكون مصليا بعده، وهذا ضعيف، والفاء على بابها في التعقيب، بمعنى أن جبريل عليه السلام كلما فعل جزءا من الصلاة فعله النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أولى من أن تكون الفاء بمعنى الواو، ولأن العطف بالواو يحتمل معه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم صلى قبل جبريل عليه السلام، والفاء لا تحتمل ذلك، فهي من أبعد احتمال، وأبلغ في البيان.
وقوله: "بهذا أمرت": قرئ بضم التاء وفتحها، فالضم: معناه: أمرت أن أبينه وأبلغه لك، وبالفتح – وهي رواية ابن وضاح – أي: أمرت به أن تصلي فيه، وتشرع الصلاة فيه لأمتك.
وقوله: "أو إن جبريل": يروى بفتح "إن" وكسرها، قال صاحب "الاقتضاب": "والكسر أظهر، لأنه استفهام مستأنف، إلا أنه ورد بالواو، ولنرد الكلام على كلام عروة، لأنها من حروف الرد، والفتح على تقدير: أو علمت، أو حدثت أن جبريل عليه السلام نزل، وتأتي زيادة معنى فيها. وقال غيره: الوجه كسر" إن " هنا، لأنه موضع يصلح فيه الاسم والفعل، ألا ترى أنه قد كان يجوز أن يقول: أو جبريل عليه السلام هو الذي أقام، وكان يجوز أن يقال: أو قام؟ وكل موضع يصلح فيه استعمال الاسم تارة والفعل تارة، فـ"إن" فيه مكسورة، وإذا انفرد الموضع بأحدهما: فـ"إن" فيه مفتوحة، كذلك: بلغني أنك قائم، فهذا موضع لا يصلح فيه إلا الاسم، كقولك: بلغني قيامك، وقولك: لو أن رجلا جاءني لأكرمته، فهذا موضع لا يصلح
الصفحة 6
383