كتاب بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز (اسم الجزء: 4)

فى المحبة {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} إِشارة إِلى العدل الذى هو القَسْم والنفقة.
وقوله: {أَو عَدْلُ ذلك صِيَاماً} أَى ما يعادل من / الصّيام الطعام. ويقال للفِداء إِذا اعتبر فيه معنى المساواة. وفى الحديث: "لا يُقبل منه صَرْف ولا عَدْل". قيل: الصرف: التوبة، وقيل: النافلة. والعدل: الفِدْية، وقيل: الفريضة. وقيل: الصّواب أَنَّ الصرف بمعنى التصرّف والتدّبير والحيلة، والعدل بمعنى الفدية. قال تعالى: {فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلاَ نَصْراً} أَى تصرّفاً وتدبيراً. وقال تعالى: {وَإِن تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لاَّ يُؤْخَذْ مِنْهَآ} وكأَن المعنى: ما يقبل منه ما تصرَّف فيه بحيلة وكَدَح له وتعب ونصِب، ولا فداء ولو افتدى به. وقيل: العدل السويّة، وقيل العدل: التطوّع، والصرف: الفريضة. ومعنى: (لا يقبل منه) أَى لا يكون له خير يقبل منه.
وقوله: {ثْمَّ الذين كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ} أَى يجعلون له عديلا، فصار كقوله: {والذين هُم بِهِ مُشْرِكُونَ} ، وقيل: يعدلون بأفعاله عنه وينسُبونها إِلى غيره. وقيل: يعدلون بعبادتهم عنه تعالى، وقيل: الباءُ بمعنى عن. وقوله: {بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ} يصحُّ أَن يكون من قولهم: عدل عن الحقِّ: إِذا جار. وفلان يعادل هذا الأَمر: إِذا ارتبك فيه ولم يُمضِه. قال:
إِذا الهَمُّ أَمسى وهْو داء فأمضِه ... فلستَ بممضيه وأَنت تعادلُه

الصفحة 30