كتاب بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز (اسم الجزء: 4)

أَظهر عُرضه أَى ناحيته. وإِذا قيل: أَعرض لى كذا أَى بدا لي عُرْضه فأَمكن تناوله، وإِذا قيل: أَعرض عنى، معناه ولَّى مبدياً عُرْضه) .
والعُرضة: ما يجعل مُعَرَّضًا للشىءِ قال تعالى: {وَلاَ تَجْعَلُواْ الله عُرْضَةً لأَيْمَانِكُمْ} وبعيرى عُرْضَة للسّفر أَى مُعَرَّض له.
وقوله تعالى: {وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السماوات والأرض} قيل هو العَرْض ضدّ الطُّول. وتَصَوُّر ذلك على أَحد وجوه: إِمّا أَن يريد به أَن يكون عَرْضها فى النشأَة الآخرة كعَرْض السمّاوات والأَرض فى النشأَة الأُولى، وذلك أَنَّه قال: {يَوْمَ تُبَدَّلُ الأرض غَيْرَ الأرض والسماوات} قال: فلا يمتنع أَن يكون السماوات والأَرض فى النشأَة الآخرة أَكبر ممّا هى الآن. وسأَل يهودىّ عمر رضى الله عنه عن الآية وقال: فأَين النار؟ فقال عمر: إِذا جاءَ الليل فأَين النَّهار؟ وقد قيل: يُعنى بعرضها سعتها، لا من حيث المساحة ولكن من حيث المسرّة؛ كقولهم فى ضدّه: الدنيا على فلان كحلْقة خاتم، وسعةُ هذه الدار كسعة الأَرض. وقيل: العَرْض ههنا عَرْض البيع من قولهم: بِيع له كذا بِعَرْض: إِذا بِيع بسِلعة، فمعنى عرضها بدلها وعوضها؛ كقولك: عَرْض هذا الثوب كذا وكذا والله أَعلم.

الصفحة 45