كتاب بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز (اسم الجزء: 4)

والمَثَل: عبارة عن قول فى شىء يشبه قولاً فى شىء آخر بينهما مشابهة، ليبيِّن أَحدهما الآخر، ويصوّره، نحو قولهم: الصيفَ ضيَّعتِ اللَبَنَ؛ فإِن هذا القول يشبه قولك: أَهملت وقت الإِمكان أَمرَكِ. وعلى هذا الوجه ما ضرب الله تعالى من الأَمثال فقال: {وَتِلْكَ الأمثال نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} ، {وَتِلْكَ الأمثال نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ العالمون} .
والمُثُول: الانتصاب. والتَمثال - بالفتح -: التمثيل. والتِمثال - بالكسر -: الصورة. ومثَّله له: صوّرهُ. وتمثل: تصوَّر. قال تعالى: {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً} [و] تَمثَّل بالشىءِ: ضربه مَثَلاً.
وقوله تعالى: {لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة مَثَلُ السوء وَلِلَّهِ المثل الأعلى} أَى لهم الصفات الذميمة، ولله الصفات العلى. وقد منع الله تعالى عن ضرب الأَمثال بقوله: {فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ الأمثال} ، ثم أَخبر أَنه يضرب لنفسه المَثَل، ولا يجوز لنا أَن نقتدى به فى ذلك وقال: {إِنَّ الله يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} ؛ ثم ضرب لنفسه مَثَلاً فقال: {ضَرَبَ الله مَثَلاً عَبْداً مَّمْلُوكاً لاَّ يَقْدِرُ على شَيْءٍ} الآية. وفى هذا تنبيه أَنه لا يجوز أَن نصفه بصفة ممَّا يوصف به البشر إِلاَّ ما وصف به نفسه. وقوله: {مَثَلُ الذين حُمِّلُواْ

الصفحة 482