كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 4)

أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا رحمة للناس، لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة، ومراده شيء آخر غير ما نحن فيه؛ ومع هذا، فهو قول مستدرك، لأن الصحابة ذكروا اختلافهم عقوبة وفتنة.
وقال أيضاً: قد تبين لكم في غير موضع، أن دين الإسلام حق بين باطلين، وهدى بين ضلالتين؛ وهذه المسائل 1 وأشباهها مما يقع الخلاف فيه بين السلف والخلف من غير نكير من بعضهم على بعض؛ فإذا رأيتم من يعمل ببعض هذه الأقوال المذكورة بالمنع، مع كونه قد اتقى الله ما استطاع، لم يحل لأحد الإنكار عليه، اللهم إلا أن يتبين الحق، فلا يحل لأحد أن يتركه لقول أحد من الناس.
وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يختلفون في بعض المسائل من غير نكير، ما لم يتبين النص؛ فينبغي للمؤمن أن يجعل همه وقصده معرفة أمر الله ورسوله في مسائل الخلاف، والعمل بذلك، ويحترم أهل العلم، ويوقرهم ولو أخطؤوا، لكن لا يتخذهم أرباباً من دون الله؛ هذا طريق المنعم عليهم، وأما إطراح كلامهم، وعدم توقيرهم، فهو طريق المغضوب عليهم. واتخاذهم أرباباً من دون الله، وإذا قيل:
__________
1 أي: إخراج العروض زكاة, والمضاربة بها. وكذا المغشوش, وتأتي إن شاء الله تعالى.

الصفحة 10