كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 4)
يدفعه، ونحو هذا - إلى أن قال - الأصل الثالث من أصوله: إذا اختلف الصحابة، تخير من أقوالهم ما كان أقربها إلى الكتاب والسنة، ولم يخرج عن أقوالهم.
فإن لم يتبين له موافقة أحد الأقوال، حكى الخلاف فيها، ولم يجزم بقول - إلى أن قال - الأصل الرابع: الأخذ بالمرسل، والحديث الضعيف، إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه، وهو الذي رجحه على القياس، وليس المراد بالضعيف عنده الباطل، ولا المنكر، ولا ما في رواته متهم، بل الحديث الضعيف عنده قسيم الصحيح، فإذا لم يجد في الباب أثراً يدفعه، ولا قول صاحب، ولا إجماعاً على خلافه، كان العمل به عنده أولى من القياس؛ وليس أحد من الأئمة إلا وهو موافقه على هذا الأصل من حيث الجملة.
فإذا لم يكن عند الإمام أحمد نص، ولا قول الصحابة، ولا أحد منهم، ولا أثر مرسل أو ضعيف، عدل إلى الأصل الخامس، وهو: القياس، فاستعمله للضرورة; وقال الشافعي: إنما يعار إليه عند الضرورة. وقال الإمام أحمد - في رواية أبي الحارث -: ما تصنع بالرأي والقياس، وفي الحديث ما يغنيك عنه؟!
وقد يتوقف في الفتوى، لتعارض الأدلة عنده، أو لاختلاف الصحابة فيها; وقال أبو داود: سمعت أحمد سئل عن كثير مما فيه الاختلاف في العلم، فيقول: لا أدري.
الصفحة 20
449