كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 4)

انتهى كلام ابن القيم ملخصاً؛ فهذا ما أشرنا إليه من قولنا: مذهبنا مذهب الإمام أحمد.
وأما ما ذكرتم: من ذم من قلد الإمام أحمد وغيره، وأطلقتم الذم، فليس الأمر على إطلاقكم؛ فإن تريدوا بذم التقليد تقليد من أعرض عما أنزل الله، وعن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، ومن قلد بعد ظهور الحجة له، ومن قلد من ليس بأهل أن يؤخذ بقوله، ومن قلد واحداً من الناس فيما قال دون غيره، فنعم المسلك سلكتم.
وإن تريدوا بذلك الإطلاق: منع الناس، لا ينقل بعضهم عن بعض، ولا يفتي أحد لأحد إلا مجتهد، فقد قال تعالى: {فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [سورة النحل آية: 43] ، قال علي بن عقيل، صاحب الفنون، ورؤوس المسائل: يجب سؤال أهل الفقه بهذه الآية; وأمر الله بطاعته، وطاعة رسوله، وأولي العلم، وهم العلماء، أو العلماء والأمراء; وأرشد النبي صلى الله عليه وسلم من لا يعلم إلى سؤال من يعلم، فقال في حديث صاحب الشجة: " ألا سألوا إذا لم يعلموا؟ فإنما شفاء العي السؤال " 1.
وأيضاً، فأين تدرك هذه في هذه الأزمنة التي قل العلم في أهلها، وقل فيه المجتهدون؛ وقد صرح العلماء أن تقليد الإنسان لنفسه جائز وربما كان واجباً، وكذا المفتي للضرورة، وعدم المجتهد يجوز أن يفتي بالتقليد.
__________
1 أبو داود: الطهارة (336) .

الصفحة 21