كتاب الدرر السنية في الأجوبة النجدية (اسم الجزء: 4)
قال ابن القيم، في أول الجزء الثاني من إعلام الموقعين: ذكر تفصيل القول في التقليد وانقسامه إلى ما يحرم القول والإفتاء به، وإلى ما يجب المصير إليه، وإلى ما يسوغ من غير إيجاب; فأما الأول فهو ثلاثة أنواع: الأول: الإعراض عما أنزل الله، وعدم الالتفات إليه، اكتفاء بتقليد الآباء; الثاني: تقليد من لا يعلم المقلد أنه أهل أن يؤخذ بقوله; الثالث: التقليد بعد قيام الحجة وظهور الدليل، على خلاف قول المقلد.
وقد ذم الله هذه الأنواع الثلاثة من التقليد، في غير موضع من كتابه، ثم ذكر آيات في ذم التقليد - إلى أن قال - وهذا القدر من التقليد، هو مما اتفق السلف والأئمة الأربعة على ذمه، وتحريمه; وأما تقليد من بذل جهده في اتباع ما أنزل الله، وخفي عليه بعضه، وقلد فيه من هو أعلم منه، فهذا محمود غير مذموم، ومأجور غير مأزور، كما سيأتي بيانه عند ذكر التقليد الواجب والسائغ، إن شاء الله تعالى.
وقال أيضاً في الجزء الأول من إعلام الموقعين: قلت: وهذه المسألة، فيها ثلاثة أقوال لأصحاب أحمد: أحدها: أنه لا يجوز الفتوى بالتقليد، لأنه ليس بعلم؛ والفتوى بغير علم حرام، وهذا قول أكثر الأصحاب. والثاني: أن ذلك يجوز فيما يتعلق بنفسه، فيجوز له أن يقلد غيره من العلماء، إذا
الصفحة 22
449