كتاب فوات الوفيات (اسم الجزء: 4)

وكان أول أمره معمماً، فألزمه الكامل أن يلبس الشربوش وزي الجند، فأجابه إلى ذلك، وأقطعه منية السوادان بالديار المصرية، ثم طلب منه " أن " ينادمه، فأجابه إلى ذلك، فاقطعه شبراً، فقال ابن بطريق:
على منية السودان صار مشربشا ... وأعطوه شبراً عندما شرب الخمرا
فلو ملكت مصر الفرنج وأنعموا ... عليه ببسوس (1) تنصر للأخرى وقال فيه وفي أخيه عماد الدين، وكان يذكر الدرس بالشافعي (2) رحمه الله:
ولدى الشيخ في العلوم وفي الإم ... رة بالمال وحده والجاه
فأمير ولا قتال عليه ... وفقيه والعلم عند الله وكان لهم مع الاقطاعات المناصب الدينية، منها مدرسة الشافعي والمدرسة التي إلى جانب مشهد الحسين رضي الله عنه، وخانقاه سعيد السعدا؛ ولم تزل هذه المناصب بأيديهم إلى أن ماتوا.
وكان قد قدم دمشق ونزل في دار أسامة، فدخل عليه الشيخ عماد الدين ابن النحاس وقال له يا فخر الدين، إلى كم؟ - يشير إلى تناوله للشراب - فقال له: يا عماد الدين والله لأسبقنك إلى الجنة، فاستشهد على المنصورة في الوقعة سنة سبع وأربعين وستمائة، وتوفي عماد الدين سنة سبع وخمسين فسبقه كما قال إلى الجنة، وحمل إلى القاهرة، وكان دفنه يوماً مشهوداً، وعمل له عزاء عظيم. وكان مولده سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة. ومن شعره:
صيرت فمي لفيه باللثم لثام ... غصباً ورشفت من ثناياه مدام
فاغتاظ وقال أنت في الفقه إمام ... ريقي خمر وعندك الخمر حرام ومن شعره:
__________
(1) غير معجمة في ص.
(2) يعني بمدرسة الشافعي، وسيذكرها بعد قليل.

الصفحة 367