كتاب فوات الوفيات (اسم الجزء: 4)

وقد استرد الدهر أثواب الصبا ... وكذاك يرجع ما يكون معارا
فارفق بدمعك في الفراق فما الذي ... يبقى ليسقي أربعاً وديارا
ودع النسيم يراوح القلب الذي ... أورى زناد الشوق فيه أوارا
مع أنني أصبو إلى بان الغضا ... إن شمت برقاً أو شممت عرارا
فاليوم لا دار بمنعرج اللوى ... تدنو بمحبوب لنا فتزارا
كلا ولا قلبي المشوق بصابر ... عنهم فأندب دمنة وديارا
فسقى اللوى لا بل سقى عهد اللوى ... صوب الغمائم هامياً مدرارا
ولقد ذكرت على الصراة مرامياً ... تنسي بحسن وجوهها الأقمارا
وعلى الحمى يوماً ونحن بلهونا ... نصل النهار ونقطع الأنهارا
في فتية مثل النجوم تطلعوا ... وتخيروا صدق المقال شعارا
من كل نجم في الدياجي قد لوى ... في كفه مثل الهلال فدارا
متعطفاً من حزم داود الذي ... فاق الأنام صناعة وفخارا
والآن قد حن المشوق إلى الحمى ... وتذكر الأوطان والأوطارا
وصبا إلى البرزات قلب كلما ... طارت به خزر اللغالغ (1) طارا
فلأي مرمى أرتميه وليس لي ... قوس رشيق مدمج خطارا
وأغن أحوى كالهلال رشيقاً ... بل راشقاً بغروضه (2) سحارا
جبل على ضعفي إذا استعطفته ... ألوى علي العنق والدستارا (3)
وبوجهه المنقوش أولما بدا ... وبه أقم وأقعد الشطارا
وبدا بتجريمي بلا سبب بدا ... مني وأودعه الرماة مرارا
يا حسنه من مخلف لكنه ... في الجو عال لا يسف مطارا
ويطير عن مقامي عاضداً ... ولشقوتي لا يدخل المقدارا
__________
(1) اللغالغ: جمع لغلغ وهو طائر يقال عنه إنه غير اللقلق.
(2) الغروض: السهام؛ ص: بفروضه.
(3) الدستار (بالفارسية) : منديل أو المنديل الذي يلاث عمامة، ولعله يعني هنا ريش الرأس.

الصفحة 370