كتاب فوات الوفيات (اسم الجزء: 4)

وأصفراه (1) عاشقاً وبهاراً، فأي هم لا تطرده أنهارها المطردة، وفرح لا تجليه أطيارها المغردة. ولما وصلنا إلى محلها الذي هو مجتمع الأهواء، ومقر السراء، ومقتنص الظباء، واستوطنا وطنها الذي هو للظامي نهلة، وللمستوفز عقلة:
أجد لنا طيب المكان وحسنه ... منى فتمنينا فكنت الأمانيا هذا مع إكثاره لا يبلغ اليسير من نعتها، وما نرى آية من الحسن إلا هي أكبر من أختها:
وإن دمشقاً وهي في الأرض جنة ... محاسنها للبعد عنك معايب والله تعالى يجمع الشمل على الإيثار، ويملأ أوطان المولى باليسار. تمت.
ومن شعر ابن زيلاق، رحمه الله تعالى:
إلى الله أشكو هاجري ومعنفي ... عليه فكل جائر في احتكامه
حبيب نأى عني الكرى بملاله ... وواش دنا مني الأسى بملامه
غريب المعاني قام عذر صبابتي ... بحسن عذاربيه ولين قوامه
له هيف الغصن الرطيب ولينه ... ولي من تجنيه بكاء حمامه
تفرد قلبي دونه بهمومه ... وشارك جسمي خصره في سقامه
سقى الله ليلاً حين جاد بوصله ... وقد كان لا يسخو برد سلامه
فطاف كمثل الظبي عند التفاته ... بحمراء مثل الجمر عند اضطرامه
كسا المزج (2) أعلاها حباباً كأنه ... ثناياه أبداهن حسن ابتسامه
شككنا فلم نعرف أمنظوم عقده ... من الدر أم من ثغره أم كلامه
ولم ندر هذا السكر من سحر طرفه ... ومن خده والريق أم من مدامه
__________
(1) ص: وصفراه.
(2) ص: المزاج.

الصفحة 387