كتاب فوات الوفيات (اسم الجزء: 4)

وفم عذب وثغر أشنب ... خصر من برده يشفي الغليل
أنا للجفوة منه قابل ... ولأعباء تجنيه حمول
وأمور الحب من أعجبها ... أن ترى القاتل يهواه القتيل وقال أيضاً:
لك السلامة من وجدي ومن حرقي ... وما تعانيه أجفاني من الأرق
أردت فينا كؤوس الشوق مترعة ... وأسكرتنا حمياها فلم نفق
يا مظهراً بمحياه وطرته ... فضيلة الجمع بين لاصبح والغسق
حملت مهجتي الأسقام فاحتملت ... وزدتها بعده بعداً قلم تطق
مهما نسيت فلا أنسى زيارته ... في خفية لابساً ثوباً من الفرق
نشوان تستر عطفيه ذوائبه ... كما اكتسى الغصن الميال بالورق
يسعى إلي براح من مقبله ... يلذ مصطبحي فيها ومغتقي
لا أسأل الليل عن بدر السماء إذا ... رقدت فيه وبدر الأرض معتنقي وقال أيضاً:
ثنى مصل قد السمهري ولينه ... وجرد عضباً مرهفاً من جفونه
وبات يرينا كيف يجتمع الدجى ... مع الصبح في أصداغه وجبينه
وكيف قران الشمس والبدر كلما ... غدا يلثم الكاس التي بيمينه
وبت أفديه بنفس بذلتها ... غراماً لمحفوظ الجمال مصونه
وأرخص دمع العين وجداً بمبسم ... يقابله من دره بثمينه
سقى ذلك الوادي وإن فتكت بنا ... نحور حواريه وأعين عينه
ولا زال مبيض الأقاحي ضاحكاً ... به كل منهل الغمام هتونه وقال أيضاً:
بعثت لنا من سحر مقلتك الوسنى ... سهاداً يذود الجفن أن يألف الجفنا
وأبرزت وجهاً يخجل البدر طالعاً ... ومست بقد علم الهيف الغصنا

الصفحة 389