كتاب فوات الوفيات (اسم الجزء: 4)

ما وجه عذرك والكؤوس تدار ... ضاقت بمن جهل الصبا أعذار
سفرت لك اللذات واتسعت بها ال ... أوقات واجتمعت لك الأوطار
ساق يسوق إلى السرور ومطرب ... حسن الغناء وروضة وعقار
أو ما ترى حسن الربيع وقد غدا ... يختال في حبراته آذار
روض كما يرضي العيون يزينه ... زهر تسر بحسنه الأسرار
وجداول نشأت بهن حدائق ... ضحكت خلال فروعها الأنوار
وكأنما أشجارهن عرائس ... تجلى ومن در السحاب نثار
تشدو حمائمها ويرقص دوحها ... غب الصبا وتصفق الأنهار
فأدم لنا أفراحنا بمدامة ... لم تتصل بصفائها الأكدار
حمراء تبدو في الكؤوس كأنها ... ذهب عليه من اللجين إزار
يسعى عليك بها غرير أهيف ... نوم المحب إذا جفاه غرار
وسنان فيه للغزالة وابنها ... وجه وطرف فاتر ونفار
رشأ ولكن في القلوب كناسه ... قمر ولكن أفقه الأزرار
ظهرت عذاراه فزادت وجهه ... نوراً وتشرق في الدجى الأقمار
وأفاك يحمل مثل ما في خده ... ماء به تروي القلوب ونار
في مجلس تمت لساكنه (1) المنى ... وتكفلت بسعودها الأقدار وقال أيضاً:
سل عن فؤاد بنار الهجر تحرقه ... وناظر بتجنيه تؤرقه
ولا ترج سلواً من غريم هوى ... موكل بجديد الصبر يخلقه
أهواه معتدل العطاف مائلها ... يجور في إذا ما اهتز مورقه
غصن ولكن بماء الحسن منبته ... بدر ولكن من الأزرار مشرقه
يجلو الظلام محياه ويعذب مج ... ناه وتحلو ثناياه ومنطقه
__________
(1) ص: بساكنه.

الصفحة 393