كتاب مفرج الكروب في أخبار بني أيوب (اسم الجزء: 4)

في هذه السنة من بلاد ماوراء النهر وقصدوا بلاد أذربيجان. وكانت بلاد ماوراء النهر - بعد تخريبهم إياها [163 ب] كسمرقند وبخارا وغيرهما - قد عمرت وصلحت أحوالها. وأما مدينة خوارزم فإنه عمرت مدينة تقاربها عظيمة. وأما مدائن خراسان فبقيت خرابا يبابا لا يجسر أحد من المسلمين أن يسكنها. وكانت التتر تدخل كل حين طائفة منهم إليها وينهبون ما يجدونه فيها، والبلاد خاوية على عروشها، ولم يزل الأمر كذلك إلى أن ظهر (¬1) منهم في سنة خمس وعشرين وستمائة [طائفة، وجرى بينهم وبين جلال الدين ما قدمنا ذكره].
فلما كانت هذه السنة - أعنى سنة ثمان وعشرين وستمائة - (¬2)] وجرى على جلال الدين من الهزيمة ما ذكرناه، أرسل إمام (¬3) الإسماعيلية - وهو صاحب الألموت (¬4)،
¬_________
(¬1) في نسخة س (ظهرت) والصيغة المثبتة من نسخة م وكذلك من ابن الاثير، الكامل، ج 12 ص 495 (حوادث سنة 628).
(¬2) ما بين الحاصرتين مذكور في الهامش في نسخة س ومثبت في م.
(¬3) كذا في نسختى المخطوطة وفى ابن الاثير (الكامل، ج 12 ص 495) «مقدم الإسماعيليه».
(¬4) عن أصل قلعة ألموت - من نواحى قزوين - ذكر ابن الأثير في حوادث سنة 494 هـ‍ «أن ملكا من ملوك الديلم كان كثير التصيد فأرسل يوما عقابا وتبعه فرآه قد سقط على موضع هذه القلعة. فوجده موضعا حصينا فأمر ببناء قلعة عالية فسماها آله موت، ومعناه بلسان الديلم تعليم العقاب». وعند ما أخذ حسن الصباح يبحث أثناء رحلاته عن قاعدة نائية حصينة صعبة المنال يستطيع منها أن يوجه هجماته ضد الدولة السلجوقية، وقع اختياره على قلعة ألموت إذ وجدها مشيدة على شعب ضيق على قمة صخرة عالية في قلب جبال البرز، وتتحكم في واد مزروع مغلق طوله نحو ثلاثين ميلا وعرضه نحو ثلاثة أميال. ووجد الصباح أيضا أن هذه القلعة على ارتفاع أكثر من 6000 قدم فوق سطح البحر، وأنها شيدت فوق قاعدة الصخرة ولا يمكن الوصول إليها إلا بواسطة ممر ضيق منحدر حلزونى. وكان الوصول إلى الصخرة يتم خلال الممر الضيق لنهر ألموت بين منحدرات شديدة وشعاب معلقة أيضا. وكانت قلعة ألموت عند ما استولى عليها حسن الصباح سنة 1090 م بيد رجل علوى اسمه مهدى كان قد أخذها من السلاجقة. واتخذ الصباح ودعاة الإسماعيلية من بعده هذه القلعة مقرا وقاعدة للدعوة الإسماعيلية للاستيلاء على قلاع جديدة ولكى يخرج الدعاة منها لنشر الدعوة في كل مكان، انظر ابن الأثير، الكامل، ج 10، ص 316 - 317 انظر أيضا:
Bernard Lewis, The Assassins pp. 42 - 44.
والترجمة العربية للدكتور سهيل زكار (بيروت 1971)، ص 57 - 58.

الصفحة 315