وولى قضاء بلده للقاضى ضياء الدين بن الشهرزورى (¬1) قاضى القضاة ببغداد وسائر البلاد الإسلامية. وحين وليها من جهة الملك المنصور، كانت له ولاية بالبلاد الأسلامية كلها، فانه خرج من بغداد بإذن الخليفة [96 ب] الناصر لدين الله وهو باق على ولايته مستمر عليها. وأذن له الخليفة في أن يحكم في كل بلدة يحل بها من بلاد الإسلام.
ولما قدم [الشهرزورى (¬2)] إلى حماه أكرمه الملك المنصور، وولاه قضاء بلاده، ثم توفى بعد أشهر من مقدمه.
وولى أيضا له القضاء القاضى نجم الدين أبو البركات عبد الرحمن بن الشيخ الإمام شرف الدين بن أبى عصرون، وكان عظيما كبير القدر، جليلا عند الملوك بسبب والده الشيخ شرف الدين قاضى القضاة، كان بدمشق، ومتولى المدارس النورية وأوقافها بالشام جميعه (¬3).
وكان في خدمة الملك المنصور ما يناهز مائتا معمم من الفقهاء والنحاة، وأهل اللغة، والمشتغلين بالعلوم الحكمية، والمهندسين، والمنجمين، والشعراء، والكتاب، والأماثل.
¬_________
(¬1) هو القاسم بن يحيى بن عبد الله الشهرزورى الشافعى تفقه ببغداد ثم قدم الشام واتصل بخدمة السلطان صلاح الدين الذى أرسله عدة مرات رسولا إلى الخليفة العباسى ببغداد. وقد ولى قضاء الشام ثم انتقل إلى الموصل وولى قضاءها، ثم قلد قضاء القضاه ببغداد واستعفى وعاد إلى حماه قاضيا إلى حين وفاته سنة 599 هـ، انظر السبكى (طبقات الشافعية. ج 4 ص 298)؛ الأصفهانى (الفتح، ص 69 - 71)؛ أبو شامة (الروضتين، ج 2 ص 139)، ابن تغرى بردى (النجوم، ج 6 ص 184).
(¬2) أضيف ما بين الحاصرتين للتوضيح.
(¬3) كان شرف الدين بن عصرون من أعيان الفقهاء وفضلاء عصره، صنف كتبا كثيرة في المذهب الشافعى وتوفى بدمشق سنة 585 هـ، انظر: الأصفهانى (الفتح، ص 236)؛ أبو شامة (الروضتين، ج 2 ص 150)؛ ابن خلكان (وفيات، ج 1 ص 255)؛ ابن تغرى بردى (النجوم، ج 6 ص 110).