كتاب أعيان العصر وأعوان النصر (اسم الجزء: 4)
أبغا، ومشت به إلى ملوك الإسلام، وكانت تكاتبهم، وادعت أنها حسنت ذلك لبلغان خاتون، لأن بلغان خاتون كان لها أرب فيه من هوى، وكانت تخافه، فقالت لها: أمرك ما بقي يخفى، فعاجليه وإلا فروحك رائحة.
قال الإربلي: وكان غازان له نظر في عواقب الأمور وخبرةً تامةً بتدبير الملك، وكان يلتحق في أفعاله بجده الأكبر هولاكو، ولم يكن فيه ما يشينه، غير أنه كان مبخلاً، لكن كانت هيبته قوية، وكان الرعايا في أيامه آمنين.
قلت: وخطب له على منبر دمشق في يوم الجمعة رابع عشر شهر ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وست مئة بحضور المغل، ودعي له على السدة، وقرئ مرسوم بتولية قبجق نيابة دمشق.
وكان قد كتب غازان لأهل دمشق فرماناً بإشارة الأمير يوسف الدين قبجق ونسخته: بقوة الله تعالى، ليعلم أمراء التومانات والألوف والمئات وعموم عساكرنا من المغول والتتار والأرمن والكرج وغيرهم ممن هو داخل تحت طاعتنا أن الله سبحانه وتعالى لما نور قلوبنا بنور الإسلام، وهدانا إلى ملة النبي عليه السلام " أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر الله أولئك في ضلال مبين " ولما سمعنا أن حكام مصر والشام خارجون عن طرائق الدين غير متمثلين بأحكام الإسلام ناقضون لعهودهم، مخالفون لمعبودهم، حالفون بالأيمان الفاجرة، ظالمون في أحكامهم المتغايرة، ليس لديهم وفاء ولا ذمام، ولا لأمورهم التئام ولا
الصفحة 15
685