كتاب أعيان العصر وأعوان النصر (اسم الجزء: 4)
وكانت امرأة مباركة محافظة على الفرائض والنوافل، لها اجتهاد وحرص على فعل الخير، تجتهد يوم دخول الحمام أن لا تؤخر الفريضة عن وقتها، لا تدخل حتى تصلي الظهر، وتجتهد في الخروج، لإدراك العصر، وكذلك تسارع في قضاء أيام الحيض من شهر رمضان تصومها وتعجلها وتحتاط فيها، وكانت فيها مودة، وخير وعقل ومعرفة وخير لم يفارقها قط. وتزوجت نحو خمس سنين، ولم تخرج من البيت، وما رأيت منها إلا ما يسرني، وكنت إذا رأيتها تصلي أفرح وأقول: أرجو الله أن ينفعني بها، فإنها كانت تصلي صلاة مكملة، وتجتهد في الدعاء، ولم تسألني قط شيئاً من الدنيا، ولا شراء حاجة. وانتفعت بها في الدنيا وأرجو أن ينفعني الله بها في الآخرة. واعتبرت الشيوخ الذين سمعت منهم فوجدتهم مئة وخمس وثمانين نفساً.
وتوفيت رحمها الله تعالى في يوم الاثنين حادي عشري صفر سنة إحدى وثلاثين وسبع مئة، ودفنت عند تربتهم خارج الباب الشرقي.
ومولدها يوم الجمعة سادس عشر شهر ربيع الأول سنة سبع وسبع مئة.
فاطمة بنت الخشاب
نقلت من خط القاضي شهاب الدين بن فضل الله، قال: بلغني عنها وقد سكنت قريباً مني أنها تجيد النظم، فكتبت إليها لأمتحنها في شهر رجب سنة تسع عشرة وسبع مئة:
هل ينفع المشتاق قرب الدار ... والوصل ممتنع على الزوار
يا نازلين بمهجتي وديارهم ... من ناظري بمطمح الأبصار
هيجتم شجني فعدت إلى الصبا ... من بعد ما وخط المشيب عذاري
الصفحة 31
685