كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 4)

إِنْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ اشْتُرِطَ، وَإِلَّا فَلَا. وَالرَّابِعُ: إِنْ لَمْ يَصْلُحِ الْمَوْضِعُ اشْتُرِطَ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ. وَالْخَامِسُ: إِنْ لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ لَمْ يُشْتَرَطْ، وَإِلَّا فَقَوْلَانِ. وَالسَّادِسُ: إِنْ كَانَ لَهُ مُؤْنَةٌ اشْتُرِطَ. وَإِلَّا فَقَوْلَانِ. قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا أَصَحُّ الطُّرُقِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَفَّالِ. وَالْمَذْهَبُ الَّذِي يُفْتَى بِهِ مِنْ هَذَا كُلِّهِ: وُجُوبُ التَّعْيِينِ إِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَوْضِعُ صَالِحًا، أَوْ كَانَ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ، وَإِلَّا فَلَا، وَمَتَى شَرَطْنَا التَّعْيِينَ فَتَرَكَاهُ بَطَلَ الْعَقْدُ. وَإِنْ لَمْ نَشْرُطْهُ فَعُيِّنَ تَعَيَّنَ. وَعِنْدَ الطَّلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى مَكَانِ الْعَقْدِ عَلَى الصَّحِيحِ. وَفِي التَّتِمَّةِ: إِذَا لَمْ يَكُنْ لِحَمْلِهِ مُؤْنَةٌ سَلَّمَهُ فِي أَيِّ مَوْضِعٍ صَالِحٍ شَاءَ. وَحَكَى وَجْهًا: أَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَوْضِعُ صَالِحًا لِلتَّسْلِيمِ حُمِلَ عَلَى أَقْرَبِ مَوْضِعٍ صَالِحٍ. وَلَوْ عَيَّنَ مَوْضِعًا فَخَرِبَ، وَخَرَجَ عَنْ صَلَاحِيَةِ التَّسْلِيمِ فَأَوْجُهٌ.
أَحَدُهَا: يَتَعَيَّنُ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ. وَالثَّانِي: لَا وَلِلْمُسْلِمِ الْخِيَارُ. وَالثَّالِثُ: يَتَعَيَّنُ أَقْرَبُ مَوْضِعٍ صَالِحٍ.
قُلْتُ: الثَّالِثُ أَقْيَسُهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا السَّلَمُ الْحَالُّ، فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّعْيِينُ، كَالْبَيْعِ. وَيَتَعَيَّنُ مَوْضِعُ الْعَقْدِ لِلتَّسْلِيمِ، لَكِنْ لَوْ عَيَّنَا غَيْرَهُ جَازَ، بِخِلَافِ الْبَيْعِ ; لَأَنَّ السَّلَمَ يَقْبَلُ التَّأْجِيلَ، فَقَبِلَ شَرْطًا يَتَضَمَّنُ تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ. وَالْأَيْمَانُ لَا تَحْتَمِلُ التَّأْجِيلَ، فَلَا تَحْتَمِلُ مَا يَتَضَمَّنُ تَأْخِيرَ التَّسْلِيمِ. قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : وَلَا نَعْنِي بِمَكَانِ الْعَقْدِ ذَلِكَ الْمَوْضِعَ بِعَيْنِهِ، بَلْ تِلْكَ النَّاحِيَةَ. وَحُكْمُ الثَّمَنِ فِي الذِّمَّةِ حُكْمُ الْمُسْلَمِ فِيهِ. وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا، فَهُوَ كَالْمَبِيعِ.
قُلْتُ: قَالَ فِي التَّتِمَّةِ: الثَّمَنُ فِي الذِّمَّةِ وَالْأُجْرَةُ إِذَا كَانَتْ دَيْنًا، وَكَذَا الصَّدَاقُ، وَعِوَضُ الْخُلْعِ، وَالْكِتَابَةُ، وَمَالُ الصُّلْحِ عَنْ دَمِ الْعَمْدِ، وَكُلُّ عِوَضٍ مُلْتَزَمٍ فِي الذِّمَّةِ لَهُ حُكْمُ السَّلَمِ فِي الْحَالِّ، إِنْ عُيِّنَ لِلتَّسْلِيمِ مَكَانٌ جَازَ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ مَوْضِعُ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ كُلَّ الْأَعْوَاضِ الْمُلْتَزَمَةِ فِي الذِّمَّةِ تَقْبَلُ التَّأْجِيلَ كَالْمُسْلَمِ فِيهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الصفحة 13