كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 4)

فِي بَلَدٍ وَزْنَ دَرَاهِمِهِ أَكْثَرَ مِنْ دَرَاهِمِ الْإِسْلَامِ، مِثْلَ غَزْنَةَ، هَلْ يُحْمَلُ عَلَى دَرَاهِمِ الْبَلَدِ، أَوِ الْإِسْلَامِ؟ فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، فَقَالَ: عَنَيْتُ دَرَاهِمَ الْإِسْلَامِ، مُنْفَصِلًا، لَمْ يُقْبَلْ. وَإِنْ كَانَ مُتَّصِلًا، فَعَلَى الطَّرِيقَيْنِ.
وَالْمَذْهَبُ: الْقَبُولُ.
فَرْعٌ
الدِّرْهَمُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، إِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي النَّقْرَةِ. فَلَوْ أَقَرَّ بِدَرَاهِمَ، وَفَسَّرَهَا بِفُلُوسٍ، لَمْ يُقْبَلْ، وَإِنْ فَسَّرَهَا بِمَغْشُوشَةٍ، فَكَالتَّفْسِيرِ بِالنَّاقِصَةِ؛ لِأَنَّ نَقْرَتَهَا تَنْقُصُ عَنِ التَّامَّةِ، فَيَعُودُ فِيهِ التَّفْصِيلُ فِي النَّاقِصَةِ. وَلَوْ فَسَّرَ بِجِنْسٍ رَدِيءٍ مِنَ الْفِضَّةِ، أَوْ قَالَ: أَرَدْتُ مِنْ سَكَّةِ كَذَا، وَهِيَ جَارِيَةٌ فِي ذَلِكَ الْبَلَدِ، قُبِلَ، كَمَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ ثَوْبٌ، ثُمَّ فَسَّرَهُ بِرَدِيءٍ، أَوْ بِمَا لَا يَعْتَادُ أَهْلُ الْبَلَدِ لَبْسَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ فَسَّرَ بِنَاقِصَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ شَيْئًا مِمَّا أَقَرَّ بِهِ، وَيُخَالِفُ الْبَيْعَ، فَإِنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى سَكَّةِ الْبَلَدِ؛ لِأَنَّهُ إِنْشَاءُ مُعَامَلَةٍ.
وَالْغَالِبُ أَنَّ الْمُعَامَلَةَ فِي كُلِّ بَلَدٍ بِمَا يَرُوجُ فِيهِ. وَالْإِقْرَارُ إِخْبَارٌ عَنْ حَقٍّ سَابِقٍ، وَرُبَّمَا ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ بِبَلَدٍ آخَرَ، فَوَجَبَ قَبُولُ تَفْسِيرِهِ. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ: لَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُهُ بِغَيْرِ سَكَّةِ الْبَلَدِ، وَوَافَقَهُ غَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا.
فَرْعٌ
إِذَا قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ دُرَيْهِمَاتٌ، أَوْ دِرْهَمٌ صَغِيرٌ، أَوْ دَرَاهِمُ صِغَارٌ، فَفِيهِ اخْتِلَافٌ كَثِيرٌ.
وَالْأَصَحُّ: أَنَّهُ كَقَوْلِهِ: دِرْهَمٌ أَوْ دَرَاهِمُ، فَيَعُودُ فِي تَفْسِيرِهِ بِالنَّقْصِ التَّفْصِيلُ السَّابِقُ، وَلَيْسَ التَّقْيِيدُ بِالصَّغِيرِ كَالتَّقْيِيدِ بِالنُّقْصَانِ؛ لِأَنَّ لَفْظَ الدَّرَاهِمِ صَرِيحٌ

الصفحة 379