كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 4)

قَبَضْتُ مِنْهُ يَوْمَ الْأَحَدِ عَشَرَةً، أَوْ طَلَّقَهَا يَوْمَ السَّبْتِ طَلْقَةً، ثُمَّ قَالَ: طَلَّقْتُهَا يَوْمَ الْأَحَدِ طَلْقَتَيْنِ، تَعَدَّدَ. وَلَوْ قَالَ يَوْمَ السَّبْتِ: طَلَّقْتُهَا طَلْقَةً، ثُمَّ أَقَرَّ يَوْمَ الْأَحَدِ بِطَلْقَتَيْنِ، لَمْ يَلْزَمْ إِلَّا طَلْقَتَانِ. وَلَوْ أَضَافَ أَحَدَ الْإِقْرَارَيْنِ إِلَى سَبَبٍ، أَوْ وَصَفَ الدَّرَاهِمَ بِصِفَةٍ، وَأَطْلَقَ الْإِقْرَارَ الْآخَرَ، نَزَلَ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُضَافِ، لِإِمْكَانِهِ.

فَرْعٌ
لَوْ شَهِدَ عَدْلٌ أَنَّهُ أَقَرَّ يَوْمَ السَّبْتِ بِأَلْفٍ، أَوْ بِغَصْبِ دَارٍ، وَشَهِدَ آخَرُ أَنَّهُ أَقَرَّ يَوْمَ الْأَحَدِ بِأَلْفٍ، أَوْ بِغَصْبِ تِلْكَ الدَّارِ، لَفَّقْنَا الشَّهَادَتَيْنِ وَاعْتَبَرْنَا الْأَلْفَ وَالْغَصْبَ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ لَا يُوجِبُ حَقًّا بِنَفْسِهِ، وَإِنَّمَا هُوَ إِخْبَارٌ عَنْ ثَابِتٍ، فَيُنْظَرُ إِلَى الْمُخْبَرِ عَنْهُ وَإِلَى اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْهُ. وَكَذَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى إِقْرَارِهِ بِأَلْفٍ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَالْآخَرُ عَلَى إِقْرَارِهِ بِأَلْفٍ بِالْعَجَمِيَّةِ. وَلَوْ شَهِدَ عَدْلٌ أَنَّهُ طَلَّقَهَا يَوْمَ السَّبْتِ، وَآخَرُ أَنَّهُ طَلَّقَهَا يَوْمَ الْأَحَدِ، لَمْ يَثْبُتْ بِشَهَادَتِهِمَا شَيْءٌ لِأَنَّهُمَا لَا يَتَّفِقَانِ عَلَى شَيْءٍ، وَلَيْسَ هُوَ إِخْبَارًا حَتَّى يُنْظَرَ إِلَى الْمَقْصُودِ الْمُخْبَرِ عَنْهُ. وَقِيلَ: فِي الْإِقْرَارَيْنِ وَالطَّلَاقَيْنِ، قَوْلَانِ بِالنَّقْلِ وَالتَّخْرِيجِ.
قَالَ الْإِمَامُ: أَمَّا التَّخْرِيجُ مِنَ الطَّلَاقِ إِلَى الْإِقْرَارِ، فَقَرِيبٌ فِي الْمَعْنَى وَإِنْ بَعُدَ فِي النَّقْلِ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَيْنِ لَمْ يَشْهَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، بَلْ شَهِدَ هَذَا عَلَى إِقْرَارٍ، وَذَاكَ عَلَى إِقْرَارٍ آخَرَ.
وَالْمَقْصُودُ مِنَ اشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِي الشَّهَادَةِ، زِيَادَةُ التَّوَثُّقِ، وَأَمَّا التَّخْرِيجُ مِنَ الْإِقْرَارِ إِلَى الطَّلَاقِ، فَبَعِيدٌ نَقْلًا وَمَعْنًى؛ لِأَنَّ مَنْ طَلَّقَ الْيَوْمَ، ثُمَّ طَلَّقَ غَدًا، وَالْمَرْأَةُ رَجْعِيَّةٌ، وَزَعَمَ أَنَّهُ أَرَادَ طَلْقَةً وَاحِدَةً، لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ، فَكَيْفَ يَجْمَعُ بَيْنَ شَهَادَةِ شَاهِدٍ عَلَى طَلَاقِ الْيَوْمِ، وَشَاهِدٍ عَلَى طَلَاقِ الْغَدِ؟ ! وَيَجْرِي التَّخْرِيجُ عَلَى ضَعْفِهِ فِي سَائِرِ الْإِنْشَاءَاتِ وَفِي الْأَفْعَالِ، كَالْقَتْلِ، وَالْقَبْضِ، وَغَيْرِهِمَا.
وَالْمَذْهَبُ

الصفحة 389