كتاب روضة الطالبين وعمدة المفتين (اسم الجزء: 4)

الْعَاشِرَةُ: لَوْ أَقَرَّ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَقَبَضَ، ثُمَّ قَالَ: كَانَ ذَلِكَ فَاسِدًا، أَوْ أَقْرَرْتُ لِظَنِّي الصِّحَّةَ، لَمْ يُصَدَّقْ، لَكِنْ لَهُ تَحْلِيفُ الْمُقَرِّ لَهُ، فَإِنْ نَكَلَ، حَلَفَ الْمُقِرُّ وَحُكِمَ بِبُطْلَانِ الْبَيْعِ وَالْهِبَةِ. وَلَوْ أَقَرَّ بِإِتْلَافِ مَالٍ [عَلَى إِنْسَانٍ] وَأَشْهَدَ عَلَيهِ، ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ عَازِمًا عَلَى الْإِتْلَافِ فَقَدَّمْتُ الْإِشْهَادَ عَلَى الْإِتْلَافِ، لَمْ يُلْتَفَتْ إِلَيهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ أُشْهِدُ عَلَيهِ بِدَيْنٍ ثُمَّ قَالَ: كُنْتُ عَازِمًا عَلَى أَنْ أَسَتَقْرِضَ مِنْهُ، فَقَدَّمْتُ الشَّهَادَةَ عَلَى الِاسْتِقْرَاضِ، قُبِلَ لِلتَّحْلِيفِ؛ لِأَنَّ هَذَا مُعْتَادٌ، بِخِلَافِ ذَاكَ.
الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ: أَقَرَّ عَجَمِيٌّ بِالْعَرَبِيَّةِ وَقَالَ: لَمْ أَفْهَمْ مَعْنَاهُ، لَكِنْ لُقِّنْتُ، صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إِنْ كَانَ مِمَّنْ يَجُوزُ أَنْ لَا يَعْرِفَهُ. وَكَذَا الْحُكْمُ فِي جَمِيعِ الْعُقُودِ وَالْحُلُولِ. وَلَوِ ادَّعَى أَنَّهُ أَقَرَّ وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ، أَوْ مُكْرَهٌ، فَقَدْ سَبَقَ بَيَانُهُ مَعَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي آخِرِ الْبَابِ الْأَوَّلِ.
الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ: قَالَ: غَصَبْتُ هَذِهِ الدَّارَ مِنْ زَيْدٍ، بَلْ مِنْ عَمْرٍو، أَوْ قَالَ: غَصَبْتُهَا مِنْ زَيْدٍ، وَغَصَبَهَا زَيْدٌ مِنْ عَمْرٍو، أَوْ قَالَ: هَذِهِ الدَّارُ لِزَيْدٍ، بَلْ لِعَمْرٍو، سُلِّمَتِ الدَّارُ إِلَى زَيْدٍ. وَفِي غُرْمِهِ لِعَمْرٍو قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: يَغْرَمُ. وَفِي الصُّورَةِ الثَّالِثَةِ طَرِيقَةٌ جَازِمَةٌ بِأَنْ لَا غُرْمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقِرَّ بِجِنَايَةٍ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ، بِخِلَافِ الْأُولَيَيْنِ. ثُمَّ قِيلَ: الْقَوْلَانِ فِيمَا إِذَا انْتَزَعَهَا الْحَاكِمُ مِنْ يَدِهِ وَسَلَّمَهَا إِلَى زَيْدٍ. فَأَمَّا إِذَا سَلَّمَهَا بِنَفْسِهِ، فَيُغَرَّمُ قَطْعًا. وَقِيلَ: الْقَوْلَانِ فِي الْحَالَيْنِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ طَرْدُهُمَا فِي الْحَالَيْنِ، قَالَهُ أَصْحَابُنَا. وَيَجْرِي الْخِلَافُ، سَوَاءٌ وَالَى بَيْنَ الْإِقْرَارِ لَهُمَا، أَمْ فَصَلَ بِفَصْلٍ قَصِيرٍ أَوْ طَوِيلٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الصفحة 401