كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 4)

الفصل الثالث:
الحياة العقلية
1 - الحركة العلمية
دعا الإسلام أمته فى قوة إلى العلم والتعلم، فبمجرد أن اكتسح العرب العراق وإيران والشام ومصر مضوا ينهلون من كل الثقافات والمعارف التى كانت منبثة فى هذه البلدان، وأسعفهم فى ذلك أنهم عرّبوا شعوبها وأخذت بنفسها تعرّب لهم كل مدّخراتها وكنوزها الثقافية، وتجرّد بعض العرب لمعرفة اللغات الأجنبية التى كانت تحمل تلك الكنوز والمدخرات، وما ينقضى القرن الثانى الهجرى حتى تكون قد دخلت العربية سيول ثقافية وعلمية لا حصر لها، مما مكّن العرب أن يتحوّلوا سريعا إلى أمة علمية تعنى بكل جوانب العلم الذى كان معروفا عند الأمم القديمة وخاصة الفرس والهنود والسريان واليونان، وتشارك فيه مشاركة جادّة خصبة، وتضيف إليه علوما جديدة تتصل بالقرآن والشريعة والشعر واللغة والنحو والعروض.
ونشط التعليم حينئذ نشاطا واسعا فمن تعليم للناشئة بالكتاتيب إلى تعليم للشباب بالمساجد، وكان الناشئة يبدءون بتعلم الخط والكتابة والقراءة ويحفظون بعض السور القرآنية، ويشدون بعض الأشعار والأمثال؟ ؟ ؟ ، ويدرسون شيئا من الحساب والسنن والفرائض والنحو والعروض، وعنى معلمو البنات بتحفيظهن القرآن وخاصة سورة النور، على نحو ما صورنا ذلك كله فى كتاب العصر العباسى الأول نقلا عن

الصفحة 115