كتاب تاريخ الأدب العربي لشوقي ضيف (اسم الجزء: 4)

يا ليالىّ بالمطيرة والكر … خ ودير السّوسىّ بالله عودى
كنت عندى أنموذجات من الجنّ‍ … ة لكنها بغير خلود
وكانت هناك أيام سنوية يخرج فيها أهل سامراء وبغداد وغيرهما من مدن العراق للهو والقصف والمجون وهى أيام الأعياد: أعياد الإسلام وأعياد الفرس وأعياد النصارى، وكانت تشبه كرنفالات ضخمة يلهو الناس فيها لهوا مباحا وغير مباح ويتفرجون على القصّاص والحكّائين وأصحاب المساخر الهزليين، أما أعياد الإسلام فهى أعياد رأس السنة الهجرية وعيد الفطر وعيد الأضحى. وفى ديوانى البحترى وابن المعتز إشارات لهما مختلفة (¬1)، وأما أعياد الفرس فمن أهمها عيد النيروز فى أول الربيع، وهو أول السنة الفارسية، وينوه الشعراء بذكره كثيرا كقول البحترى يهنئ المعتمد به وبلحظات سروره (¬2):
لا تخل من عيش يكرّ سروره … أبدا ونيروز عليك معاد
وكانوا يكثرون من التهادى فيه، ويروى أن المتوكل كان يهدى فيه هدايا متنوعة فيها تماثيل من عنبر وورود حمراء (¬3). وكانو يخرجون فيه إلى المتنزهات والبساتين يقصفون ويمرحون ويلهون ملاهى مختلفة. ومن أعياد الفرس عيد المهرجان فى أول الشتاء، وفيه يقول البحترى (¬4):
وكأن الأيام أوثر بالحس‍ … ن عليها ذو المهرجان الكبير
ولابن الرومى قصيدة طويلة يهنئ فيها عبيد الله بن عبد الله بن طاهر به، وقد حشد فيها كثيرا من فنون اللهو فيه (¬5)، وكان للفرس عيد يسمى عيد السّذق كانوا يوقدون فيه النيران على الجبال والتلال، ويظلون يجمعون لها الأحطاب أياما، ومن أشهر ما كان فى هذ العيد احتفال مرداويج الديلمى أمير الجبل فى غربى إيران به، ويقال كان فى السماط الذى صنعه فيه ألف رأس من البقر (¬6).
¬_________
(¬1) انظر ديوان البحترى 2/ 1071، 1096 وديوان ابن المعتز ص 181، 247.
(¬2) ديوان البحترى 2/ 734.
(¬3) الديارات ص 57.
(¬4) الديوان 2/ 887.
(¬5) ديوان ابن الرومى (نشر كيلانى) ص 82.
(¬6) مسكويه 5/ 479 وأبو الفدا فى عام 323 وابن الأثير 8/ 222.

الصفحة 95