كتاب معاني النحو (اسم الجزء: 4)

الشرط
معنى الشرط أن يقع الشيء لوقوع غيره (¬1). أي أن يتوقف الثاني على الأول (¬2). فإذا وقع الأول وقع الثاني، وذلك نحو: (إن زرتني أكرمك) فالاكرام متوقف على الزيارة، ونحو قوله تعالى: {فإن قاتلوكم فاقتلوهم} [البقرة: 191]، وقوله: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي} [البقرة: 230]، وقوله: {وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة} [البقرة: 280].
هذا هو الأصل، وقد يخرج الشرط عن ذلك فلا يكون الثاني مسببا عن الأول، ولا متوقفًا عليه، وذلك نحو قوله تعالى: {فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث} [الأعراف: 176]، فلهث الكلب ليس متوقفًا على الحمل عليه، أو تركه، فهو يلهث على كل حال، وإنما ذكر صفته فقط، ونحو قوله: {فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين} [آل عمران: 32]، والله لا يحب الكافرين سواء تولوا أم آمنوا، فليس الثاني مشروطا بالأول ولا مسببا عنه، ونحو قوله تعالى: {فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرا} [النساء: 19]، وقوله: {قل يأيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله} [يونس: 104]، فهو لا يعبد غير الله سواء شكوا أم آمنوا، وقوله: {إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل} [النحل: 37]، وقوله: {إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم} [فاطر: 14]، فهم لا يسمعون الدعاء سواء دعوهم أم لم يدعوهم، وقوله: {فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين} [فصلت: 24]، والنار مثواهم صبروا أم لم يصبروا، وقوله: {قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك} [البقرة: 97]، وهو قد أنزله على قلبه سواء عادوه أم والوه، وقوله: {وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما} [النساء: 127]. وهو عليم بالأفعال خيرًا أو شرًا.
¬__________
(¬1) المقتضب 2/ 46
(¬2) البرهان 2/ 354

الصفحة 53