كتاب معاني النحو (اسم الجزء: 4)

وكذلك بالنسبة إلى الدنيا، فإرادة الثواب مستمرة متجددة، فكل عمل له ثواب.
وقال: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فإخوانكم في الدين} [التوبة: 11]. وقال فيمن يفعل الزنى: {فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما} [النساء: 16]. فجاء بالآيتين بالفعل الماضي، لأن المقصود بالتوبة هي التوبة العامة، فالتوبة الأولى معناها الدخول في الإسلام، والثانية معناها الإنخلاع عن الفاحشة.
في حين قالك: {إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما} [التحريم: 4]، والكلام موجه إلى زوجي النبي صلى الله عليه وسلم، والمقصود بالتوبة هنا التوبة الجزئية العارضة التي يتكرر أمثالها من الوقع في اللمم والصغائر.
وقال: (وإن تعودوا نعد) [الأنفال: 19].
وقال: {وإن عدتم عدنا} [الإسراء: 8].
فجاء في الآية الأولى بالمضارع (تعودوا) وفي الآية الثانية بالماضي عدتم وذلك أن الآية الأولى نزلت بعد معركة بدر في كفار قريش، وهو تهديد للمشركين وإشعار للمؤمنين بأن المشركين سيكررون العودة إلى القتال وهو ما حصل، وأخبرهم بأن الله سيعود إلى نصر المؤمنين ومحق باطل الكافرين.
وأما الأية ففي بني إسرائيل، وقد ذكر أنهم يفسدون في الأرض مرتين، فأخبر بأن لهم عودة بعد تلك المرة.
فجاء بالمضارع للدلالة على الاستمرار والتجدد، بخلاف الثانية.
وقال: {يأيها الذين أمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله، وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون} [البقرة: 278 - 279].

الصفحة 60