كتاب معاني النحو (اسم الجزء: 4)

وقال: {إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني} [الكهف: 76]، لأنه سيحصل الفراق بعد سؤال واحد.
وقال: {إن يسئلكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم} [محمد: 37].
وهذا في سؤال الأموال وهو يتجدد بتجددها فجاء في المتجدد بالفعل المضارع، وفي غيره بالفعل الماضي، والله أعلم.
2 - وقد يؤتى بالفعل الماضي مع الشرط للدلالة على وقوع الحدث جملة واحدة، وإن كان مستقبلا، ويؤتى بالمضارع لما كان يتقضي ويتصرم شيئا فشيئا، أي مستمرا وذلك نحو قوله تعالى: {فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى} [البقرة: 196]، أي إذا حصل هذا ولذا عبر عنه بالماضي، بخلاف قوله تعالى: {ويسئلونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم} [البقرة: 220]، وذلك أن المخالطة مستمرة متطاولة ليست كالاحصار فعبر عنها بالمضارع.
ونحو قوله تعالى: {ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا} [البقرة: 286]، أي لا تؤاخذنا إذا حصل منا نسيان، أو خطأ، أي وقع.
وقوله: {فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم} [البقرة: 239]ـ فإن معناه إذا وقع الخوف أو إذا حصل الأمن، بخلاف قوله تعالى: {وإما تخافن من قوم خيانة} [الأنفال: 58]، فإن فيه معنى الاستمرار والتحسب، بخلاف ما قبلها ونحو قوله تعالى: {وترى الشمس إذا طلعت تزاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال} [الكهف: 17].
فالطلوع والغروب يقعان جملة واحدة، فعبر عنهما بالماضي، بخلاف قوله تعالى: {والليل إذا يسر} [الفجر: 4]، فإنه يفيد الاستمرار والتطاول.
ونحو قوله تعالى: {ولا يسمع الصم الدعاء إذا ماينذرون} [الأنبياء: 45]، أي وإن تطاول عليهم الانذار وتكرر واستمر، بخلاف قوله تعالى: {ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين} [النمل: 80]، أي إذا ادبروا عنك.

الصفحة 62