كتاب معاني النحو (اسم الجزء: 4)

ولا يجوز أن يكون في موضع هذا (إنْ) لأن الله عز وجل يعلم، و (إنْ) إنما مخرجها الظن والتوقع فيما يخبر به المخبر، لويس هذا مثل قوله: {إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} [الأنفال: 38]، لأن هذا راجع إليهم.
وتقول: (آتيك إذا احمر البسر) ولو قلت (آتيك إن احمر البسر) كان محالا، لأنه واقع لا محالة (¬1).
وجاء في (الاتقان): " تختص (إذا) بدخولها على المتيقن، والمظنون، والكثير الوقوع، بخلاف (إنْ) فإنها تستعمل في المشكوك والموهوم والنادر، ولهذا قال تعالى: {إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا} [المائدة: 6]، ثم قال: {وإن كنتم جنبا فاطهروا} [المائدة: 6]، فأتى بـ (إذا) في الوضوء، لتكرره وكثرة أسبابه، وبـ (إنْ) في الجنابة لندرة وقوعها بالنسبة إلى الحدث.
وقال تعالى: {فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه، وإن تصبهم سيئة يطيروا} [الأعراف: 131]، {وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها، وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم يقنطون} [الروم: 36]، أتى في جانب الحسنة بـ (إذا) لأن نعم الله على العباد كثيرة ومقطوع بها، و (إنْ) في جانب السيئة لأنها نادرة الوقوع، ومشكوك فيها (¬2).
وجاء في (شرح ابن يعيش): " وحق ما يجازي به أن لا تدري أيكون أم لايكون، فعلى هذا تقول: (إذا احمر البسر فائتني).
وقبح: (إن احمر البسر)، لأن احمرار البسر كائن، وتقول: (إذا أقام الله القيامة عذب الكفار)، ولا يحس: (إن أقام الله القيامة، لأنه يجعل ما أخبر الله تعالى بوجوده مشكوكا فيه) (¬3).
¬__________
(¬1) المقتضب 2/ 55 - 56
(¬2) الاتقان 1/ 149
(¬3) شرح ابن يعيش 9/ 4

الصفحة 73