كتاب الصحيح المسبور من التفسير بالمأثور (اسم الجزء: 4)

سورة العنكبوت

قال تعالى (الم)
انظر بداية سورة البقرة.
قال تعالى (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)
قال ابن كثير: وقوله (أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون) استفهام إنكار ومعناه أن الله -سبحانه وتعالى- لابد أن يبتلي عباده المؤمنين بحسب ما عندهم من الإيمان كما جاء في الحديث الصحيح: "أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في البلاء" وهذه الآية كقوله (أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين) .
قال الشيخ الشنقيطي: والمعنى: أن الناس لا يتركون دون فتنة: أي ابتلاء واختبار، لأجل قولهم: آمنا، بل إذا قالوا آمنا فتنوا: أي امتحنوا واختبروا بأنواع الابتلاء، حتى يتبين بذلك الابتلاء الصادق في قوله آمنا من غير الصادق.
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة جاء مبينا في آيات أخر من كتاب الله كقوله تعالى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلو من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) وقوله (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين) وقوله تعالى: (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلو أخباركم) .
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله (آمنا وهم لا يفتنون) قال: لا يبتلون في أنفسهم وأموالهم.

الصفحة 63