كتاب آثار ابن باديس (اسم الجزء: 4)

المنفعة للمسلمين والأصل في ذلك كله أن الكثير من الكولون سكان إقليم الجزائر ضد المسلمين ولا يحبون لهم إلا الضعف والتلاشي والهلاك ووكلاؤهم في الديوان العمومي يسيرون على حسب غرضهم وقصدهم. وأما الحكام مع كونهم مربوطة أيديهم كما ذكرنا فإذا ظهرت منهم الحمية على المسلمين (1) توجه لهم الكولون بالإذاية والذم في الجرنالات وغيرها فمنهم من يصبر لذلك ومنهم من يتقلق ويكره وظيفته، ويرغب في الرجوع لفرنسا وها نحن نبين سبب حقد بعض الكولون أو الكثير منهم على المسلمين وذلك السبب أمر باطني يعتقدونه في عقولهم ويظنون أن المسلمين منتصبون دائما لإيقاع الإذاية لهم والأضرار بهم في أموالهم أو ذواتهم ويزعمون أن دين الإسلام هو الذي يحرضهم على ذلك وخصوصا القرآن وقد رأينا في بعض الجرنالات كلاما منسوبا لبعض السادات في السينا يوافق ما يعتقده الكولون في جانب المسلمين من أن القرآن يحرضهم على الجد في إذاية الفرنسويين وذلك غلط صراح. أما أولا فإن الركن الأعظم في الدين الإسلامي الصلاة خمس مرات بين اليوم والليلة وهي لا تقام إلا بقراءة القرآن، وإلا تكون باطلة فهذا هو السبب الذي أوجب على المسلمين قراء القرآن وتعليم أولادهم له في الكاتب ليحصلوا بذلك معرفة القلم العربي ومعرفة اللسان العربي الخالص الذي تكتب به الكتب ويتوصلون إلى حفظ القرآان وقراءته في الصلوات. وثانيا فإن دين الإسلام يوجب على المسلمين الوفاء بالعهود وعدم الغدر والمكر وعدم الفساد في الأرض، ولولا خوف الإطالة لجلبنا النصوص الدالة على صدق قولنا من الكتاب والسنة. ومن جملة ما يقوي الحقد في قلوب الكولون أنه مهما تقع من مسلم جناية إلا ويسبون بها جميع جنس المسلمين ويعيرونهم بذلك
__________
(1) هذا ما فعلوه مع م. فيوليت تماما، فما أشبه الليلة بالبارحة (المؤلف)

الصفحة 25