كتاب آثار ابن باديس (اسم الجزء: 4)

كأرض فرنسا وبالجملة فكثير أرضنا بالنسبة لقلة الماء كذات بلا روح. المسألة الخامسة في كيفية تمليك أراضي العرش لأربابها وتمكينهم بالعقود الذين يتوصلون بها إلى البيع والرهن وغير ذلك. الجواب عنها أن ذلك الترتيب وإن كان فيه عدل وإنصاف ووفاء بالحقوق لكنه لا يناسب حال الأعراش وما جرت عليه عادتهم من الداخل في بعضهم بعضا والانتفاع بالمرعى مع بعضهم. ولما وقع ما ذكر، أولا: تمزقت أراضيهم ودخلها الأجانب وحصل لهم ضيق في انتفاعهم بأراضيهم ضد ما كانوا عليه سابقا ولا شك أن الأليق بهم لو أبقتهم الدولة على حالهم السابق من الانتفاع بالأرض فقط كالحبس، وليس لهم البيع ويدفعون الحكر الذي هو منزل كالرنط على الكونسيسيون فبذلك يستقيم حالهم ويكونون في غاية الهنا في عيشهم ولا يقدر واحد أن يضر بأخيه، وأما إذا صار هذا يبيع قطعة من ناحية وهذا يبيع قطعة من أخرى انحلت عليهم أبواب الهرج والاختلاط مع من لا يناسب قصده طبيعتهم. وأيضا ففي بقائهم على حالهم منفعة لجانب البايلك من حيث أنهم يدفعون الحكر. المسألة السادسة: قضية الشريعة، الجواب عنها أن الدولة الفرانسوية كانت احترمت شريعة الإسلام وأمرت بإجرائها على أصلها ونصبت القضاة في كل ناحية وضبطت أمورهم بقوانين مؤسسة على أحسن ما يكون وأباحت لمن شاء من المسلمين إعادة النظر في خصومته لدى مجا لس "الطريبو نال" و"الاكور" واستمر الحال على منوال حسن إلى أن برز القانون المؤرخ بسبطامبر سنة 1886 فردت خصومات المسلمين إلى "الجوج" على أن يحكم بينهم بمقتضى شريعتهم. ولم يكن ذلك، وصارت الأحكام تقع بين المسلمين على خلاف شريعتهم ولأجل ذلك يقع كثيرا تكسير أحكام الجوج في مجالس "الطريبو نال" إذ تعاد. ومع هذا فلما كانت أشغال الجوج كثيرة ولا ينتصب لحوائج المسلمين إلا مرة في الجمعة ويحتاج في فهمه للقضية بواسطة الترجمان إلى زمان طويل

الصفحة 30