كتاب آثار ابن باديس (اسم الجزء: 4)

الزاوي اليهود الرصاص ثم كان اهتياج الناس بقدر ما يتزايد إطلاق الرصاص من اليهود الحاملين السلاح.
حضر الدكتور جلول لرحبة الصوف والفتنة على أشدها فدخل المعمعة يهدىء الناس من ناحية ويضمد الجراح من ناحية أخرى وكانت حالة الناس- وهم يسمعون دوي الرصاص ويشاهدون الجرحى يتساقطون منهم- أعظم من أن تهدأ. ومع ذلك فقد استطاع الدكتور جلول أن يرد الناس عن الهجوم على الشارع حومة اليهود ولولاه لكان ذلك الجمع مصبحا اليهود في شارعهم شر صباح.
انتشر الخبر في البلد وماجت الأنهج بالناس وكثر ضرب اليهود بالرصاص من النوافذ فانكب الناس على دكاكين اليهود التي كانت مقفلة يوم الأحد يكسرون أبوابها ويمزقون ما فيها من قماش ويهشمون ما فيها من أثاث ويمزقون الأوراق المالية وأطلقوا النار في بعضها وقتلوا نيفا وعشرين نفسا وفرغوا من عملهم نحو الساعة الثانية.

استنتاج وتعليل:
فتح أسواق الخضر الإسلامية كعادتها، وتعاطى المسلمون البيع والشراء مع اليهود واليهوديات دليل قاطع على أن المسلمين كانوا قد اطمانوا وأمنوا وعلى أنهم ما كانوا عازمين على شيء من الشر لليهود.
ابتدأ أبناء الصائغي بضرب الرصاص، ورؤية الناس المسلمين السلاح بيد اليهود والرصاص يتهاطل من نوافذهم وهم لا سلاح لهم بعث فيهم الرعب والحنق فاندفعوا ذلك الإندفاع القوي السريع المحطم.
غريزة الدفاع عن النفس فطرية في الإنسان بل في جميع الحيوان فإذا أحس بالخطر فإنه يعمل أعمالا عن غير وعي لا يستطيع أن يعملها لولا ما أحس به من الخطر وما تحرك فيه من غزيرة الدفاع عن النفس

الصفحة 46