كتاب آثار ابن باديس (اسم الجزء: 4)

خطيباً في كل نهج من الأنهج الكبرى الإسلامية لأخطب في الناس بذلك فوقفنا بضعة عشر موقفاً ألقيت فيها بضع عشرة خطبة أخاطب فيها الناس باسم الوفد وأدعوهم إلى الهدوء والسكينة وأذكرهم بآداب الإسلام وأعرفهم بما كان من طلب الوالي العام وما كان من إلتزام نوابهم، وكان الله- وله الحمد- يفتح في كل موقف بفن من فنون التذكير، وكان إخواني المسلمون- جعلني الله فداءهم- يلتفون بنا في كل موقف ويبدون من الاستماع للوعظ والانقياد للخير ما عرفني بما تنطوي عليه تلك الصدور المحمدية الطيبة من الروح الإسلامية الشريفة، والآداب الدينية العالية الكامنة فيهم، التي لا يحتاج في إظهارها إلا لكلمة صادقة عن نية خالصة. وكان كل موقف يختم بإعطاء كلمتهم بأن لا يكون منهم سوء وبالدعاء للجميع.
عملت تلك الخطب- بإذن الله- عملها في قلوب كانت متفرقه فاتحدت وأرواح كانت متناكرة فتعارفت وما انتهينا إلى آخر مواقفنا - وكان أمام مكتب وعيادة الدكتور ابن جلول- حتى تصافح هو والسيد محمد المصطفى بن باديس وصعد النواب كلهم إلى مكتب الدكتور، فأعدتهم إلى النهج ليحضروا آخر موقف وليسمعوا آخر خطاب، ولم أكتف بوقوفهم بنوافذ المكتب المطلة على النهج فلما نزلوا خطبت في الجمع خطابا يشتمل على أصل ما ألقيت الخطب لأجله وعلى ما ناسب ذلك الموقف الذي تجلت فيه روح الإخاء والصفاء، وكان ذلك الموقف لمواقفنا- والفضل لله- خير ختام.

يوم السبت 11 أوت:
صبيحة السبت قابل وفد المسلمين عامل العمالة ودار الحديث في الحوادث التي وقعت ورأينا من عاملنا الجديد رجلا يحمل روحاً فرنسية لطيفة ويتحلى بآداب الموظف العالي. أبدى تأسفه أن وجد قسنطينة

الصفحة 52