كتاب البيان والتبيين - ط الخانجي (اسم الجزء: 4)

قصد الى شعر في النسيب فأنشده وكان خلف يجمع ذلك كله ولم أر غاية النحويين الا كل شعر فيه إعراب ولم أرغاية رواة الأشعار الا كل شعر فيه غريب او معنى صعب يحتاج الى الاستخراج ولم أر غاية رواة الاخبار الا كل شعر فيه الشاهد والمثل ورأيت عامتهم - فقد طالت مشاهدتي لهم - لا يقفون الا على الالفاظ المتخيرة والمعاني المنتخبة وعلى الالفاظ العذبة والمخارج السهلة والديباجة الكريمة وعلى الطبع المتمكن وعلى السبك الجيد وعلى كل كلام له ماء ورونق وعلى المعاني التي اذا صارت في الصدور عمرتها وأصلحتها من الفساد القديم وفتحت للسان باب البلاغة ودلت الاقلام علىمدافن الالفاظ واشارت الى حسان المعاني ورأيت البصر بهذا الجوهر من الكلام في رواة الكتاب أعم وعلى ألسنة حذاق الشعراء اظهر ولقد رأيت ابا عمرو الشيباني يكتب اشعارا من أفواه جلسائه ليدخلها في باب التحفظ والتذاكر وربما خيل الي ان ابناء اولئك الشعراء لا يستطيعون ابدا ان يقولوا شعرا جيدا لمكان إغراقهم في أولئك الآباء
ولولا ان اكون عيابا ثم للعلماء خاصة لصورت لك في هذا الكتاب بعض
ما سمعت من أبي عبيدة ومن هو أبعد في وهمك من أبي عبيدة
قال ابن المبارك كان عندنا رجل يكنى ابا خارجة فقلت له لم كنوك أبا خارجة قال لأني ولدت يوم دخل سليمان بن علي البصرة
وكان عندنا شيخ حارس من علوج الجبل وكان يكنى أبا خزيمة فقلت @

الصفحة 24