كتاب البيان والتبيين - ط الخانجي (اسم الجزء: 4)

رد هذا التعليل وايراد تعليل اخر
وقد اخطأ هذا الشيخ ولم يرد الا الخير وقال بمبلغ علمه ومنتهى رأيه ولو زعم ان أداة الحساب والكتابة وأداة قريض الشعر وجميع النسب وقد
كانت فيه تامة وافرة مجتمعة كاملة ولكنه صرف تلك القوى وتلك الاستطاعة الى ما هو ازكى بالنبوة وأشبه بمرتبة الرسالة وكان اذا احتاج الىالبلاغة كان ابلغ البلغاء واذا احتاج الى الخطابة كان أخطب الخطباء وأنسب من كل ناسب وأقوف من كل قائف ولو كان في ظاهره والمعروف من شأنه انه كاتب حاسب وشاعر ناسب ومتفرس قائف ثم اعطاه الله برهانات الرسالة وعلامات النبوة لما كان ذلك مانعا من وجوب تصديقه ولزوم طاعته والانقياد لأمره على سخطهم ورضاهم ومكروههم ومحبوبهم ولكنه اراد ان لا يكون للشاعر متعلق عما دعا اليه حتى لا يكون دون المعرفة بحقه حجاب وان رق وليكون ذلك اخف في المؤونة وأسهل في المحنة فلذلك صرف نفسه عن الامور التي كانوا يتكلفونها ويتنافسون فيها فلما طال هجرانه لقريض الشعر وروايته صار لسانه لا ينطق به والعادة توأم الطبيعة فأما في غير ذلك فانه اذا شاء كان انطق من كل منطيق وأنسب من كل ناسب وأقوف من كل قائف وكانت الته أوفر وأداته اكمل إلا انها كانت مصروفة الى ما هو أبعد وبين ان يضيف اليه العادة الحسنة وامتناع الشيء عليه من طول الهجران له فرق
ومن العجب ان صاحب هذه المقالة لم يره عليه السلام في حال معجزة قط بل لم يره إلا وهو ان أطال الكلام قصر عنه كل مطيل وان قصر القول@

الصفحة 33