كتاب البيان والتبيين - ط الخانجي (اسم الجزء: 4)

كلام في تعزية بعض الملوك
قال ان الخلق للخالق والشكر للمنعم والتسليم للقادر ولا بد مما هو كائن وقد جاء ما لا يرد ولا سبيل الى رد ما قد فات وقد اقام معك ما سيذهب او ستتركه فما الجزع مما لا بد منه وما الطمع فيما لا يرجى وما الحيلة فيماسينقل عنك او تنقل عنه وقد مضت أصول نحن فروعها فما بقاء
الفرع بعد ذهاب الاصل افضل الاشياء عند المصائب الصبر وانما أهل الدنيا سفر لا يحلون الركائب الا في غيرها فما أحسن الشكر عند النعم والتسليم عند الغير فاعتبر بمن رأيت من أهل الجزع فان رأيت الجزع رد احدا منهم الى ثقة من درك فما أولاك به
واعلم ان أعظم من المصيبة سوء الخلف منها فاتق فان المرجع قريب
واعلم انه انما ابتلاك المنعم وأخذ منك المعطي وما ترك اكثرفان نسيت الصبرفلا تنس الشكر وكلا فلا تدع واحذر من الغفلة استلاب النعم وطول الندامة فما أصغر المصيبة اليوم مع عظم الغنيمة غدا فاستقبل المصيبة بالحسبة تستخلف بها نعما فانما نحن في الدنيا غرض ينتضل فيه بالمنايا ونهب للمصائب مع كل جرعة شرق ومع كل أكلة غصص لا تنال نعمة الا بفراق اخرى ولايستقبل معمر يوما من عمره الا بهدم اخر من أجله ولا تحدث له زيادة في أكله الا بنفاد ما قبله من رزقه ولا يحيا له أثر الا مات له أثر ونحن اعوان الحتوف على أنفسنا وأنفسنا تسوقنا الى الفناء فمن أين نرجو البقاء وهذا الليل و النهار@

الصفحة 74