كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 4)

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْقَاضِي، فِي كِتَابِهِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، ثنا مُطَهَّرُ بْنُ الْهَيْثَمِ بْنِ الْحَجَّاجِ الطَّائِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: حَجَّ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَخَرَجَ حَاجِبُهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَالَ: ابْعَثُوا إِلَيَّ فَقِيهًا أَسْأَلُهُ عَنْ بَعْضِ الْمَنَاسِكِ. قَالَ: فَمَرَّ طَاوُسٌ، فَقَالُوا: هَذَا طَاوُسٌ الْيَمَانِيُّ، فَأَخَذَهُ الْحَاجِبُ فَقَالَ: أَجِبْ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالَ: اعْفِنِي فَأَبَى. قَالَ: فَأَدْخَلَهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ طَاوُسٌ: فَلَمَّا وَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ قُلْتُ: إِنَّ هَذَا الْمَجْلِسَ يَسْأَلُنِي اللهُ عَنْهُ، فَقُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّ §صَخْرَةً كَانَتْ عَلَى شَفِيرِ جُبٍّ فِي جَهَنَّمَ هَوَتْ فِيِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا حَتَّى اسْتَقَرَّتْ قَرَارَهَا، أَتَدْرِي لِمَنْ أَعَدَّهَا اللهُ؟ قَالَ: لَا. ثُمَّ قَالَ: وَيْلَكَ لِمَنْ أَعَدَّهَا اللهُ؟ قُلْتُ: لِمَنْ أَشْرَكَهُ اللهُ فِي حُكْمِهِ فَجَارَ. قَالَ: فَبَكَى لَهَا "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَعْدَانَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَّامِ بْنِ وَارَةَ، حَدَّثَنِي أَبُو الْحَارِثِ الْكِنَانِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْأُمَوِيُّ، وَكَانَ ثِقَةً رَضِيًّا، حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي رَوَّادٍ وَكَانَ قَدْ بَلَغَ ثَمَانِينَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: نَظَرَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ إِلَى رَجُلٍ يُطَافُ بِهِ بِالْكَعْبَةِ لَهُ جَمَالٌ وَتَمَامٌ، فَقَالَ: يَا ابْنَ شِهَابٍ مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَذَا طَاوُسٌ الْيَمَانِيُّ وَقَدْ أَدْرَكَ عِدَّةً مِنَ الصَّحَابَةِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ سُلَيْمَانُ فَأَتَاهُ، فَقَالَ: لَوْ مَا حَدَّثْتَنَا. فَقَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ §أَهْوَنَ الْخَلْقِ عَلَى اللهِ مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئًا فَلَمْ يَعْدِلْ فِيهِمْ»
فَتَغَيَّرَ وَجْهُ سُلَيْمَانَ فَأَطْرَقَ طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: لَوْ مَا حَدَّثْتَنَا. فَقَالَ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: ظَنَنْتُ أَنَّهُ أَرَادَ عَلِيًّا، قَالَ: دَعَانِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى طَعَامٍ فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قُرَيْشٍ فَقَالَ: «إِنَّ §لَكُمْ عَلَى قُرَيْشٍ حَقًّا، وَلَهُمْ عَلَى النَّاسِ حَقٌّ مَا اسْتُرْحِمُوا فَرَحِمُوا، واسْتَحْكَمُوا فَعَدَلُوا، وَائْتُمِنُوا فَأَدَّوْا، فَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفًا وَلَا عَدْلًا»
فَتَغَيَّرَ وَجْهُ -[16]- سُلَيْمَانَ فَأَطْرَقَ طَوِيلًا ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: لَوْ مَا حَدَّثْتَنِي، فَقَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: " أَنَّ §آخِرَ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي كِتَابِ اللهِ تَعَالَى {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ} [البقرة: 281] الْآيَةُ "

الصفحة 15