كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 4)

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبُو مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِطَاوُسٍ: §ارْفَعْ حَاجَتَكَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، يَعْنِي سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، فَقَالَ طَاوُسٌ: مَا لِي إِلَيْهِ مِنْ حَاجَةٍ، قَالَ: فَكَأَنَّهُ قَدْ عَجِبَ مِنْ ذَلِكَ "
قَالَ سُفْيَانُ: وَحَلَفَ لَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْسَرَةَ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْكَعْبَةَ: «وَرَبِّ هَذِهِ الْبَنِيَّةِ، §مَا رَأَيْتُ أَحَدًا الشَّرِيفُ وَالْوَضِيعُ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةٍ إِلَّا طَاوُسًا»
حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ، ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: زَعَمَ لِي سُفْيَانُ قَالَ: جَاءَ ابْنٌ لِسُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِ طَاوُسٍ فَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَيْهِ فَقِيلَ لَهُ: جَلَسَ إِلَيْكَ ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَلَمْ تَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، قَالَ: «§أَرَدْتُ أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ لِلَّهَ عِبَادًا يَزْهَدُونَ فِيمَا فِي يَدَيْهِ»
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، ثنا مَعْمَرٌ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، قَالَ: كُنْتُ لَا أَزَالُ أَقُولُ لِأَبِي إِنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ تَخْرُجَ عَلَى هَذَا السُّلْطَانِ وَأَنْ تَقْعُدَ بِهِ. قَالَ: فَخَرَجْنَا حُجَّاجًا فَنَزَلْنَا فِي بَعْضِ الْقُرَى وَفِيهَا عَامِلٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ أَوْ أَيُّوبَ بْنِ يَحْيَى يُقَالُ لَهُ ابْنُ نَجِيحٍ، وَكَانَ مِنْ أَخْبَثِ عُمَّالِهِمْ، فَشَهِدْنَا صَلَاةَ الصُّبْحِ فِي الْمَسْجِدِ، فَإِذَا ابْنُ نَجِيحٍ قَدْ أُخْبِرَ بِطَاوُسٍ فَجَاءَ فَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يُجِبْهُ، فَكَلَّمَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ عَدَلَ إِلَى الشِّقِّ الْأَيْسَرِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، فَلَمَّا رَأَيْتُ مَا بِهِ قُمْتُ إِلَيْهِ فَمَدَدْتُ بِيَدِهِ، وَجَعَلْتُ أَسْأَلُهُ وَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَمْ يَعْرِفْكَ، قَالَ: بَلَى، مَعْرِفَتُهُ بِي فَعَلَ بِي مَا رَأَيْتَ. قَالَ: فَمَضَى وَهُوَ سَاكِتٌ لَا يَقُولُ لِي شَيْئًا، فَلَمَّا دَخَلْتُ الْمَنْزِلَ الْتَفَتَ إِلَيَّ، فَقَالَ لِي: «يَا لُكَعُ بَيْنَمَا أَنْتَ §زَعَمْتَ أَنْ تَخْرُجَ عَلَيْهِمْ بِسَيْفِكَ لَمْ تَسْتَطِعْ أَنْ تَحْبِسَ عَنْهُمْ لِسَانَكَ». أَدْرَكَ طَاوُسٌ خَمْسِينَ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ وَعُلَمَائِهِمْ وَأَعْلَامِهِمْ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ وَنَفَعَنَا بِهِمْ بِمَنِّهِ. وَأَكْثَرُ رِوَايَتِهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ.

الصفحة 16