كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 4)

السَّلَامُ: «اذْهَبْ فَابْلُ أَخْبَارَهُمْ» فَأَتَى عَلِيٌّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مُنَكِّسٌ رَأْسَهُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَتَبَسَّمُ: «مَا أَحْسِبُ يَا عَلِيُّ ثَبَتَ مَعَكَ إِلَّا أَبْنَاءُ الْآخِرَةِ». فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: لَا وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ. فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67]. يَا عَلِيُّ، أَقْبِلْ عَلَى شَأْنِكَ، وَامْلِكْ لِسَانَكَ، وَاعْقِلْ مَنْ تُعَاشِرُهُ مِنْ أَهْلِ زَمَانِكَ تَكُنْ سَالِمًا غَانِمًا ". غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ طَاوُسٍ تَفَرَّدَ بِهِ وَهْبٌ، لَمْ نَكْتُبْهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَلْمٍ، ثنا الْعَبَّاسُ بْنُ عَلِيٍّ النَّسَائِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ خَلَفٍ، ثنا حُسَيْنٌ الْأَشْقَرُ، ثنا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ طَاوُسٍ، عَنْ بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «§مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ». غَرِيبٌ مِنْ حَدِيثِ طَاوُسٍ، لَمْ نَكْتُبْهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ: " كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ §إِذَا رَأَى مَخِيلَةً تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، وَدَخَلَ وَخَرَجَ، وَأَقْبَلَ وَأَدْبَرَ، فَإِذَا أَمْطَرَتْ سُرِّيَ عَنْهُ، فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: " مَا أَمِنْتُ أَنْ يَكُونَ كَمَا قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا، بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ، رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الأحقاف: 24]
§وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ وَمِنْهُمُ الْحَكِيمُ الدَّامِغُ لِلْمُشَبِّهِ، الْحَلِيمُ الدَّافِعُ لِلْمُتَسَفِّهِ: أَبُو عَبْدِ اللهِ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عُبَيْدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْيَشْكُرِيُّ، ثنا أَبُو قُدَامَةَ هَمَّامُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ عُقْبَةَ بْنِ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ، ثنا غَوْثُ بْنُ جَابِرٍ، ثنا عَقِيلُ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمِّي وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: «§أَلَمْ يُفَكِّرِ ابْنُ آدَمَ ثُمَّ يَتَفَهَّمْ، وَيَعْتَبِرُ، ثُمَّ يُبْصِرْ ثُمَّ يَعْقِلْ، وَيَتَفَقَّهْ حَتَّى يَعْلَمَ، فَيَتَبَيَّنَ أَنَّ لِلَّهِ حِلْمًا بِهِ يَخْلُقُ -[24]- الْأَحْلَامَ، وَعِلْمًا بِهِ يَعْلَمُ الْعُلَمَاءُ، وَحِكْمَةٌ بِهَا يَتَّقِي الْخَلْقُ، وَيُدَبِّرُ بِهَا أُمُورَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، فَإِنَّ ابْنَ آدَمَ لَنْ يَقْدِرَ بِعِلْمِهِ الْمُقَدَّرِ عَلَى اللهِ الَّذِي لَا مِقْدَارَ لَهُ، وَلَنْ يَبْلُغَ بِحِلْمِهِ الْمَخْلُوقِ حِلْمَ اللهِ الَّذِي بِهِ خَلَقَ الْخَلْقَ كُلَّهُ، وَلَنْ يَبْلُغَ بِحِكْمَتِهِ حِكْمَةَ اللهِ الَّتِي بِهَا يَتَّقِي الْخَلْقُ وَيَقْدِرُ الْمَقَادِيرَ، وَكَيْفَ يُشْبِهُ ابْنُ آدَمَ رَبَّ ابْنِ آدَمَ، وَكَيْفَ يَكُونُ الْمَخْلُوقُ كَمَنْ خَلَقَهُ»

الصفحة 23