كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 4)

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، ثنا عَبْدُ اللهِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ الصَّنْعَانِيُّ، ثنا رَبَاحٌ، ثنا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ حَشَكٍ، عَنْ وَهْبٍ، قَالَ: " لَمَّا أُمِرَ نُوحٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَحْمِلَ مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ قَالَ: رَبِّ، §كَيْفَ أَصْنَعُ بِالْأَسَدِ وَالْبَقَرَةِ، وَكَيْفَ أَصْنَعُ بِالْعَنَاقِ وَالذِّئْبِ، وَكَيْفَ أَصْنَعُ بِالْحَمَامِ وَالْهِرِّ؟ قَالَ: مَنْ أَلْقَى بَيْنَهُمَا الْعَدَاوَةَ؟ قَالَ: أَنْتَ. قَالَ: فَإِنِّي أُؤَلِّفُ بَيْنَهُمْ حَتَّى لَا يَتَضَرَّرُونَ "
حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ، ثنا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، ثنا سَيَّارٌ، ثنا جَعْفَرٌ , أَبُو سِنَانٍ الْقَسْمَلِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبًا، وَأَقْبَلَ عَلَى عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ فَقَالَ لَهُ: " وَيْحَكَ يَا عَطَاءُ، أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ §تَحْمِلُ عِلْمَكَ إِلَى أَبْوَابِ الْمُلُوكِ وَأَبْنَاءِ الدُّنْيَا، وَيْحَكَ يَا عَطَاءُ، أَتَأْتِي مَنْ يُغْلِقُ عَنْكَ بَابَهُ، وَيُظْهِرُ لَكَ فَقْرَهُ، وَيُوارِي عَنْكَ غِنَاهُ، وَتَدَعُ مَنْ يَفْتَحُ لَكَ بَابَهُ، وَيُظْهِرُ لَكَ غِنَاهُ، وَيَقُولُ {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] وَيْحَكَ يَا عَطَاءُ، ارْضَ بِالدُّونِ مِنَ الدُّنْيَا مَعَ الْحِكْمَةِ، وَلَا تَرْضَ بِالدُّونِ مِنَ الْحِكْمَةِ مَعَ الدُّنْيَا، وَيْحَكَ يَا عَطَاءُ، إِنْ كُنْتَ يُغْنِيكَ مَا يَكْفِيكَ فَإِنَّ أَدْنَى مَا فِي الدُّنْيَا يَكْفِيكَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُغْنِيكَ مَا يَكْفِيكَ فَلَيْسَ فِي الدُّنْيَا شَيْءٌ يَكْفِيكَ، وَيْحَكَ يَا عَطَاءُ، فَإِنَّ بَطْنَكَ بَحْرٌ مِنَ الْبُحُورِ، وَوَادٍ مِنَ الْأَوْدِيَةِ، وَلَا يَمْلَؤُهُ إِلَّا التُّرَابُ "
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ، قَالَ: سُئِلَ وَهْبٌ: يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، §رَجُلَانِ يُصَلِّيَانِ، أَحَدُهُمَا أَطْوَلُ قُنُوتًا وَصَمْتًا، وَالْآخَرُ أَطْوَلُ سُجُودًا، أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَنْصَحُهُمَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الْآجُرِّيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَطَشِيُّ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْجُنَيْدِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشِيرِ بْنِ مَرْوَانَ الْكَاتِبُ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ أَشْرَسَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَانَ فَاضِلًا، عَنْ وَهْبٍ، قَالَ: " مَرَّ عَابِدٌ بِرَاهِبٍ فَأَشْرَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: مُنْذُ كَمْ أَنْتَ فِي هَذِهِ الصَّوْمَعَةِ؟ قَالَ: مُنْذُ سِتِّينَ سَنَةً. -[44]- قَالَ: فَكَيْفَ صَبَرْتَ فِيهَا سِتِّينَ سَنَةً؟ قَالَ: مُرَّ فَإِنَّ الدُّنْيَا تَمُرُّ. ثُمَّ قَالَ: يَا رَاهِبُ، كَيْفَ ذِكْرُكَ لِلْمَوْتِ؟ قَالَ: مَا أَحْسِبُ عَبْدًا يَعْرِفُ اللهَ تَعَالَى تَأْتِي عَلَيْهِ سَاعَةٌ لَا يَذْكُرُ اللهَ فِيهَا، وَمَا أَرْفَعُ قَدَمًا إِلَّا أَظُنُّ أَنِّي لَا أَضَعُهَا حَتَّى أَمُوتَ، قَالَ: فَجَعَلَ الْعَابِدُ يَبْكِي. فَقَالَ لَهُ الرَّاهِبُ: هَذَا بُكَاؤُكَ فِي الْعَلَانِيَةِ فَكَيْفَ أَنْتَ إِذَا خَلَوْتَ؟ فَقَالَ الْعَابِدُ: إِنِّي لَأَبْكِي عِنْدَ إِفْطَارِي فَأَشْرَبُ شَرَابِي بِدُمُوعِي، وَأَبُلُّ طَعَامِي بِدُمُوعِي، وَيَصْرَعُنِي النَّوْمُ فَأَبُلُّ مَضْجَعِي بِدُمُوعِي. قَالَ: أَمَا إِنَّكَ إِنْ تَضْحَكُ وَأَنْتَ مُعْتَرِفٌ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِذَنْبِكَ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَبْكِي وَأَنْتَ تَمُنَّ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: فَأَوْصِنِي بِوَصِيَّةٍ. قَالَ: §كُنْ فِي الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ النَّحْلَةِ، إِنْ أَكَلَتْ أَكَلَتْ طَيِّبًا، وَإِنْ وَضَعَتْ وَضَعَتْ طَيِّبًا، وَإِنْ سَقَطَتْ عَلَى شَيْءٍ لَمْ تَضُرَّهُ وَلَمْ تَكْسِرْهُ، وَلَا تَكُنْ فِي الدُّنْيَا بِمَنْزِلَةِ الْحِمَارِ، إِنَّمَا هِمَّتُهُ أَنْ يَشْبَعَ ثُمَّ يَرْمِي بِنَفْسِهِ فِي التُّرَابِ، وَانْصَحْ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ نُصْحَ الْكَلْبِ لِأَهْلِهِ، فَإِنَّهُمْ يُجِيعُونَهُ وَيَطْرُدُونَهُ وَهُوَ يَحْرُسُهُمْ "

الصفحة 43