كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 4)

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَلَمَةَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْأَيْلِيُّ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ أَبِي عَاصِمٍ الْوَرَّاقِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: أَرْبَعَةُ أَحْرُفٍ فِي التَّوْرَاةِ، مَكْتُوبٌ: §مَنْ لَمْ يُشَاوِرْ يَنْدَمْ، وَمَنِ اسْتَغْنَى اسْتَأْثَرَ، وَالْفَقْرُ الْمَوْتُ الْأَحْمَرُ، وَكَمَا تَدِينُ تَدَّانُ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا حُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثنا بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يَقُولُ: " كَانَ رَجُلٌ مِنْ أَفْضَلِ زَمَانِهِ، وَكَانَ يُزَارُ فَيَعِظُهُمْ، فَاجْتَمَعُوا إِلَيْهِ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: إِنَّا قَدْ §خَرَجْنَا مِنَ الدُّنْيَا، وَفَارَقْنَا الْأَهْلَ، وَالْأَوْلَادَ، وَالْأَوْطَانَ، وَالْأَمْوَالَ، مَخَافَةَ الطُّغْيَانِ، وَقَدْ خِفْتُ أَنْ يَكُونَ قَدْ دَخَلَ عَلَيْنَا فِي حَالِنَا هَذِهِ مِنَ الطُّغْيَانِ أَكْثَرُ مِمَّا يَدْخُلُ عَلَى أَهْلِ الْأَمْوَالِ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَإِنَّمَا يُحِبُّ أَحَدُنَا أَنْ تُقْضَى حَاجَتُهُ، وَإِنِ اشْتَرَى أَنْ يُقَارَبَ لِمَكَانِ دِينِهِ، وَإِنْ لُقِيَ حُيِّيَ وَوُقِّرَ لِمَكَانِ دِينِهِ، فَشَاعَ ذَلِكَ الْكَلَامُ حَتَّى بَلَغَ الْمَلِكَ فَعَجِبَ بِهِ، فَرَكِبَ إِلَيْهِ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَيَنْظُرَ إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُ الرَّجُلُ وَقِيلَ لَهُ هَذَا الْمَلِكُ قَدْ أَتَاكَ لِيُسَلِّمَ عَلَيْكَ، فَقَالَ: وَمَا يَصْنَعُ بِي؟ فَقِيلَ: لِلْكَلَامِ الَّذِي وَعَظْتَ بِهِ، فَسَأَلَ رِدْءَهُ: هَلْ عِنْدَكَ طَعَامٌ؟ فَقَالَ: شَيْءٌ مِنْ ثَمَرِ الشَّجَرِ مِمَّا كُنْتَ تُفْطِرُ بِهِ، فَأَتَى بِهِ عَلَى مَسْحٍ فَوُضِعَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَخَذَ يَأْكُلُ مِنْهُ، وَكَانَ يَصُومُ النَّهَارَ لَا يُفْطِرُ، فَوَقَفَ عَلَيْهِ الْمَلِكُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَأَجَابَهُ بِإِجَابَةٍ خَفِيفَةٍ، وَأَقْبَلَ عَلَى طَعَامِهِ يَأْكُلُهُ، فَقَالَ الْمَلِكُ: فَأَيْنَ الرَّجُلُ؟ قِيلَ لَهُ: هُوَ هَذَا، فَقَالَ: هَذَا الَّذِي يَأْكُلُ؟ قِيلَ: نَعَمْ. قَالَ: فَمَا عِنْدَ هَذَا مِنْ خَيْرٍ، فَأَدْبَرَ وَانْصَرَفَ. فَقَالَ الرَّجُلُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَرَفَكَ عَنِّي بِمَا صَرَفَكَ بِهِ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ، ثنا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا حُسَيْنُ الْمَرْوَزِيُّ، ثنا ابْنُ الْمُبَارَكِ، ثنا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ، أَنَّهُ سَمِعَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يَقُولُ: " إِنَّ الْمَلِكَ سَمِعَ بِاجْتِهَادِهِ، فَقَالَ: لَآتِيَنَّهُ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا وَلَأُسَلِّمَنَّ عَلَيْهِ، فَأَسْرَعَتِ الْبُشْرَى إِلَى هَذَا الرَّاهِبِ، فَلَمَّا كَانَ هَذَا الْيَوْمُ، وَظَنَّ أَنَّهُ يَأْتِيهِ خَرَجَ إِلَى مُتْضَحًى لَهُ قُدَّامَ مُصَلَّاهُ، وَخَرَجَ بِمِنْسَفٍ -[49]- فِيهِ بَقْلٌ وَزَيْتٌ وَحِمَّصٌ، فَوَضَعَهُ قَرِيبًا مِنْهُ، فَلَمَّا أَشْرَفَ إِذَا هُوَ بِالْمَلِكِ مُقْبِلًا وَمَعَهُ سَوَادٌ مِنَ النَّاسِ قَدْ أَحَاطُوا بِهِ، فَأَوْضَعُوا قَرِيبًا مِنْهُ، فَلَا يُرَى سَهْلٌ وَلَا جَبَلٌ إِلَّا وَقَدْ مُلِئَ مِنَ النَّاسِ، فَجَعَلَ الرَّاهِبُ يَجْمَعُ مِنْ تِلْكَ الْبُقُولِ وَالطَّعَامِ وَيُعْظِمُ اللُّقْمَةَ وَيَغْمِسُهَا فِي الزَّيْتِ فَيَأْكُلَ أَكْلًا عَنِيفًا، وَهُوَ وَاضِعٌ رَأْسَهُ، لَا يَنْظُرُ مَنْ أَتَاهُ، فَقَالَ الْمَلِكُ: أَيْنَ صَاحِبُكُمْ؟ قَالُوا: هُوَ ذَا. قَالَ الْمَلِكُ: كَيْفَ أَنْتَ يَا فُلَانُ؟ فَقَالَ الرَّاهِبُ وَهُوَ يَأْكُلُ ذَلِكَ الْأَكْلَ: كَالنَّاسِ. فَرَدَّ الْمَلِكُ عَنَانَ دَابَّتِهِ وَقَالَ: مَا فِي هَذَا مِنْ خَيْرٍ. فَلَمَّا ذَهَبَ قَالَ: §الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَهُ عَنِّي وَهُوَ لَائِمٌ "

الصفحة 48