كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 4)

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، ثنا أَبِي، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدٍ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يَقُولُ: " إِنَّ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَانَ وَاقِفًا عَلَى قَبْرٍ وَمَعَهُ الْحَوَارِيُّونَ أَوْ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، قَالَ: وَصَاحِبُ الْقَبْرِ يُدَلَّى فِيهِ، قَالَ: فَذَكَرُوا مِنْ ظُلْمَةِ الْقَبْرِ وَوَحْشَتِهِ وَضِيقِهِ قَالَ: فَقَالَ عِيسَى: «قَدْ §كُنْتُمْ فِيمَا هُوَ أَضْيَقُ مِنْهُ فِي أَرْحَامِ أُمَّهَاتِكُمْ، فَإِذَا أَحَبَّ اللهُ أَنْ يُوَسِّعَ وَسَّعَ». أَوْ كَمَا قَالَ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا غَوْثُ بْنُ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْهُذَيْلِ يَقُولُ: إِنَّ إِبْلِيسَ قَالَ لِعِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حِينَ رَآهُ عَلَى جَبَلِ الْقُدْسِ: زَعَمْتَ أَنَّكَ تُحْيِي الْمَوْتَى. قَالَ: كُنْتُ كَذَلِكَ. قَالَ: فَادْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَ هَذَا الْجَبَلُ خُبْزًا. فَقَالَ لَهُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ: أَوَ كُلُّ النَّاسِ يَعِيشُونَ مِنَ الْخُبْزِ؟ فَقَالَ لَهُ إِبْلِيسُ: فَإِنْ كُنْتَ كَمَا تَقُولُ فَثِبْ مِنْ هَذَا الْمَكَانِ فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ سَتَلْقَاكَ. قَالَ: إِنَّ §رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ لَا أُجَرِّبَ نَفْسِي، فَلَا أَدْرِي هَلْ يُسَلَّمُنِي أَمْ لَا "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ إِسْحَاقَ، ثنا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، ثنا بَكَّارُ بْنُ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ، يَقُولُ: " كَانَ رَجُلٌ عَابِدٌ مِنَ السُّيَّاحِ أَرَادَهُ الشَّيْطَانُ مِنْ قِبَلِ الشَّهْوَةِ، وَالرَّغْبَةِ، وَالْغَضَبِ، فَلَمْ يَسْتَطِعْ لَهُ شَيْئًا، فَمُثِّلَ لَهُ بِحَيَّةٍ وَهُوَ يُصَلِّي فَالْتَوَى بِقَدَمِهِ وَجَسَدِهِ، ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَلَمْ يَلْتَفِتْ مِنْ صَلَاتِهِ وَلَمْ يَسْتَأْخِرْ مِنْهَا، فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يَسْجُدَ الْتَوَى فِي مَوْضِعِ سَجْدَتِهِ، فَلَمَّا وَضَعَ رَأْسَهُ لِيَسْجُدَ فَتَحَ فَاهُ لِيَلْتَقِمَ رَأْسَهُ فَوَضَعَ رَأْسَهُ فَجَعَلَ يَعْرُكُهُ حَتَّى اسْتَمْكَنَ مِنَ الْأَرْضِ لِسَجْدَتِهِ، فَقَالَ لَهُ الشَّيْطَانُ: إِنِّي أَنَا صَاحِبُكَ الَّذِي كُنْتَ أُخَوِّفُكَ، فَأَتَيْتُكَ مِنْ قِبَلِ الشَّهْوَةِ وَالرَّغْبَةِ وَالْغَضَبِ، وَأَنَا الَّذِي كُنْتُ أَتَمَثَّلُ لَكَ بِالسِّبَاعَ وَالْحَيَّةِ، فَلَمْ أَسْتَطِعْ لَكَ شَيْئًا، وَقَدْ بَدَا لِي -[53]- أَنْ أُصَادِقَكَ، وَلَا أَرَاكَ فِي صَلَاتِكَ بَعْدَ الْيَوْمِ. فَقَالَ لَهُ: لَا يَوْمَ خَوَّفْتَنِي بِحَمْدِ اللهِ خِفْتُكَ، وَلَا الْيَوْمَ فِي حَاجَةٍ مِنْ فَضْلِهِ. قَالَ: أَلَا تَسْأَلُنِي عَمَّا شِئْتَ أُخْبِرْكَ. قَالَ: مَا عَسَيْتُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ؟ قَالَ: أَلَا تَسْأَلُنِي عَنْ مَالِكَ مَا فَعَلَ بَعْدَكَ؟ قَالَ: لَوْ أَرَدْتُ ذَلِكَ مَا فَارَقْتُهُ. قَالَ: أَفَلَا تَسْأَلُنِي عَنْ أَهْلِكَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ؟ قَالَ: أَنَا مُتُّ قَبْلَهُمْ. قَالَ: أَفَلَا تَسْأَلُنِي عَمَّا أُضِلُّ بِهِ بَنِي آدَمَ؟ قَالَ: بَلَى، فَأَخْبِرْنِي، §مَا أَوْثَقُ مَا فِي نَفْسِكَ أَنْ تُضِلَّهُمْ بِهِ؟ قَالَ: ثَلَاثَةُ أَخْلَاقٍ مَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ بِشَيْءٍ مِنْهَا غَلَبْنَاهُ: بِالشُّحِّ وَالْحِدَّةِ وَالسُّكْرِ، فَإِنَّ الرَّجُلَ إِذَا كَانَ شَحِيحًا قَلَّلْنَا مَالَهُ فِي عَيْنِهِ، وَرَغَّبْنَاهُ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ، وَإِذَا صَارَ حَدِيدًا تَزَاوَرْنَاهُ كَمَا يَتَزَاوَرُ الصِّبْيَانُ الْكُرَةَ، وَلَوْ كَانَ يُحْيِي الْمَوْتَى بِدَعْوَتِهَ لَمْ نَيْأَسْ مِنْهُ، فَإِنَّ مَا يَبْنِي يَهْدِمُهُ لَنَا بِكَلِمَةٍ، وَإِذَا سَكِرَ اقْتَدْنَاهُ إِلَى كُلِّ شَهْوَةٍ كَمَا يُقْتَادُ مَنْ أَخَذَ الْعَنْزَ بِأُذُنِهَا حَيْثُ شَاءَ "

الصفحة 52