كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 4)

حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي السَّرِيِّ البَغْدَادِيِّ ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى , ثنا أَحْمَدُ بْنُ رِزْقٍ عَنِ السَّرِيِّ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: كَتَبَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ إِلَى مَكْحُولٍ: «إِنَّكَ قَدْ §أَصَبْتَ بِمَا ظَهَرَ مِنْ عِلْمِ الْإِسْلَامِ عِنْدَ النَّاسَ مَحَبَّةً وَشَرَفًا، فَاطْلُبْ بِمَا بَطَنَ مِنْ عِلْمِ الْإِسْلَامِ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى مَحَبَّةً وَزُلْفَى، وَاعْلَمْ أَنَّ إِحْدَى الْمَحَبَّتَيْنِ سَوْفَ تَمْنَعُكَ عَنِ الْأُخْرَى»
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفِ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرِ بْنِ أَبِي الدَّيْبَكِ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ زِيَادٍ سَبَلَانُ، ثنا زَافِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي سِنَانٍ الشَّيْبَانِيِّ، قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ قَالَ: «يَا بُنَيَّ §اتَّخِذْ طَاعَةَ اللهِ تَعَالَى تِجَارَةً تَزِيدُ بِهَا رِبْحَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالْإِيمَانَ بِاللهِ تَعَالَى سَفِينَتَكَ الَّتِي تَحْمِلُ عَلَيْهَا، وَالتَّوَكُّلَ عَلَى اللهِ تَعَالَى دَقْلَهَا وَالدُّنْيَا بَحْرَكَ، وَالْأَيَّامَ مَوْجَكَ، وَالْأَعْمَالَ الْمَفْرُوضَةَ تِجَارَتَكَ الَّتِي تَرْجُو بِهَا رِبْحَهَا، وَالنَّافِلَةَ هَدِيَّتَكَ الَّتِي تُكْرَمُ بِهَا، وَالْحِرْصَ عَلَيْهَا الرِّيحَ الَّتِي تَسِيرُ بِهَا وَتُزْجِيهَا، وَرَدَّ النَّفْسِ عَنْ هَوَاهَا مَرَاسِيَهَا الَّتِي تُرْسِيهَا، وَالْمَوْتَ سَاحِلَهَا، وَاللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَالِكُهَا، وَأَحَبُّ التُّجَّارِ إِلَيْهِ أَفْضَلُهُمْ بِضَاعَةً، وَأَكْثَرُهُمْ هَدِيَّةً، وَأَبْغَضُ التُّجَّارِ إِلَيْهِ أَقَلُّهُمْ بِضَاعَةً، وَأَرْدَؤُهُمْ هَدِيَّةً، كَمَا تَكُونُ تِجَارَتُكَ تَرْبَحْ، وَكَمَا تَكُونُ هَدِيَّتُكَ تُكْرَمْ»
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيُّ، ثنا أَبُو قُدَامَةَ، ثنا هَمَّامُ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ عُقْبَةَ، ثنا غَوْثُ بْنُ جَابِرٍ، ثنا عَقِيلُ بْنُ مَعْقِلِ بْنِ مُنَبِّهٍ، سَمِعْتُ عَمِّيَ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: «§الْأَجْرُ مَعْرُوضٌ، وَلَكِنْ لَا يَسْتَوْجِبُهُ مَنْ لَا يَعْمَلُ، وَلَا يَجِدُهُ مَنْ لَا يَبْتَغِيهِ، وَلَا يُبْصِرُهُ مَنْ لَا يَنْظُرُ إِلَيْهِ، وَطَاعَةُ اللهِ قُرَيْبَةٌ مِمَّنْ يَرْغَبُ فِيهَا، بَعِيدَةٌ مِمَّنْ يَزْهَدُ فِيهَا، وَمَنْ يَحْرِصْ عَلَيْهَا يَبْتَغِيهَا، وَمَنْ لَا يُحِبُّهَا لَا يَجِدُهَا، وَلَا تَسْبِقُ مَنْ سَعَى إِلَيْهَا، وَلَا يُدْرِكُهَا مَنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، وَطَاعَةُ اللهِ تَعَالَى تُشَرِّفُ مَنْ أَكْرَمَهَا، وَتُهِينُ مَنْ أَضَاعَهَا، وَكِتَابُ اللهِ تَعَالَى يَدُلُّ -[55]- عَلَيْهَا، وَالْإِيمَانُ بِاللهِ تَعَالَى يَحُضُّ عَلَيْهَا»

الصفحة 54