كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 4)

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبَانَ، حَدَّثَنِي أَبِي، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثنا حَجَّاجٌ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ كَيْسَانَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ صَفْوَانَ وَهُوَ ابْنُ بِنْتِ وَهْبٍ قَالَ: قَالَ وَهْبٌ: " عَبَدَ اللهَ عَابِدٌ خَمْسِينَ سَنَةً فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَكَ قَالَ: أَيْ رَبِّ، وَمَا تَغْفِرُ لِي وَلَمْ أُذْنِبْ. فَأَذِنَ اللهُ لِعِرْقٍ فِي عُنُقِهِ فَضَرَبَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَنَمْ وَلَمْ يُصَلِّ، ثُمَّ سَكَنَ فَنَامَ، فَأَتَاهُ الْمَلَكُ فَشَكَى إِلَيْهِ فَقَالَ: مَا لَقِيتَ مِنْ ضَرْبَانِ الْعِرْقِ. فَقَالَ الْمَلَكُ: إِنَّ رَبَّكَ يَقُولُ: §عِبَادَتُكَ خَمْسِينَ سَنَةً تَعْدِلُ سُكُونَ هَذَا الْعَرَقِ "
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَوْنٍ، ثنا رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، عَنْ وَهْبٍ، قَالَ: " §رُءُوسُ النَّعَمِ ثَلَاثَةٌ: فَأَوَّلُهَا نِعْمَةُ الْإِسْلَامِ الَّتِي لَا تَتِمُّ نِعْمَةٌ إِلَّا بِهَا، وَالثَّانِيَةُ: نِعْمَةُ الْعَافِيَةِ الَّتِي لَا تَطِيبُ الْحَيَاةُ إِلَّا بِهَا، وَالثَّالِثَةُ: نِعْمَةُ الْغِنَى الَّتِي لَا يَتِمُّ الْعَيْشُ إِلَّا بِهَا "
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ الْعَنْبَرِيُّ، قَالَ: ثنا خُزَيْمَةُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْعَابِدُ، قَالَ: مَرَّ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ بِمُبْتَلًى أَعْمَى مَجْذُومٍ مُقْعَدٍ عُرْيَانَ، بِهِ وَضَحٌ وَهُوَ يَقُولُ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى نِعْمَتِهِ. فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ مَعَ وَهْبٍ: §أَيُّ شَيْءٍ بَقِيَ عَلَيْكَ مِنَ النِّعْمَةِ تَحْمَدُ اللهَ عَلَيْهَا؟ فَقَالَ لَهُ الْمُبْتَلَى: ارْمِ بِبَصَرِكَ إِلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَانْظُرْ إِلَى كَثْرَةِ أَهْلِهَا، أَوَلَا أَحْمَدُ اللهَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا أَحَدٌ يَعْرِفُهُ غَيْرِي "
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي جَعْفَرٍ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، قَالَ: ثنا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ عَامِرِ بْنِ مُرَّةَ، قَالَ: كَانَ ابْنُ مُنَبِّهٍ يَقُولُ: «§الْمُؤْمِنُ يُخَالِطُ لِيَعْلَمَ، وَيَسْكُتُ لِيَسْلَمَ، وَيَتَكَلَّمُ لِيَفْهَمَ، وَيَخْلُو لِيَنْعَمِ»
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ، ثنا أَبُو بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحٍ، قَالَ: ثنا أَبُو كَثِيرٍ الْيَمَانِيُّ لَقِيتُهُ سَنَةَ سَبْعِينَ، قَالَ: قَالَ وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ: " §الْمُؤْمِنُ مُفَكِّرٌ مُذَكِّرٌ مُزْدَجِرٌ، تَفَكَّرَ فَعَلَتْهُ السَّكِينَةُ، وَتَذَكَّرَ فَوَصَلَ الْقِرْبَةَ، وَازْدُجِرَ فَبَايَنَ الْحَوْبَةَ، سَكَنَ فَتَوَاضَعَ، قَنَعَ فَلَمْ يَهْتَمَّ، رَفَضَ -[69]- الشَّهَوَاتِ فَصَارَ حُرًّا، أَلْقَى الْحَسَدَ فَظَهَرَتْ لَهُ الْمَحَبَّةُ، زَهِدَ فِي كُلِّ فَانٍ فَاسْتَكْمَلَ الْعَقْلَ، رَغِبَ فِي كُلِّ بَاقٍ فَعَقَلَ الْمَعْرِفَةَ، فَقَلْبُهُ مُتَعَلِّقٌ بَهَمِّهِ، وَهْمُهُ مُوَكَّلٌ بِمَعَادِهِ، لَا يَفْرَحُ إِذَا فَرِحَ أَهْلُ الدُّنْيَا لِفَرَحِهِمْ، بَلْ حُزْنُهُ عَلَيْهِ سَرْمَدًا، فَهُوَ دَهْرُهُ مَحْزُونٌ، وَفَرَحَهُ إِذَا مَا نَامَتِ الْعُيُونُ، يَتْلُو كِتَابَ اللهِ، يُرَدِّدُهُ عَلَى قَلْبِهِ، فَمَرَّةً يَفْزَعُ قَلْبُهُ، وَمَرَّةً تَهْمِلُ عَيْنَاهُ، يَقْطَعُ اللهُ عَنْهُ اللَّيْلَ بِالتِّلَاوَةِ، وَيَقْطَعُ عَنْهُ النَّهَارَ بِالْخُلْوَةِ، مُفَكِّرًا فِي ذُنُوبِهِ، مُسْتَصْغِرًا لِأَعْمَالِهِ، قَالَ وَهْبٌ: فَهَذَا يُنَادَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي ذَلِكَ الْجَمْعِ الْعَظِيمِ عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ: قُمْ أَيُّهَا الْكَرِيمُ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ "

الصفحة 68