كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 4)

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: ثنا عَبْدُ الْمُنْعِمِ بْنُ إِدْرِيسَ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالَا: لَمَّا نَزَلَتْ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ قَالَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا جِبْرِيلُ، نَفْسِي قَدْ نُعِيَتْ». قَالَ جِبْرِيلُ: الْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى، وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى. فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا أَنْ يُنَادِيَ بِالصَّلَاةِ جَامِعَةً، فَاجْتَمَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ إِلَى مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَلَّى النَّاسُ ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ خَطَبَ خُطْبَةً وَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ، وَبَكَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ، ثُمَّ قَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، أَيُّ نَبِيٍّ كُنْتُ لَكُمْ؟» قَالُوا: جَزَاكَ اللهُ مِنْ نَبِيٍّ خَيْرًا، فَلَقَدْ كُنْتَ لَنَا كَالْأَبِ الرَّحِيمِ، وَكَالْأَخِ النَّاصِحِ الْمُشْفِقِ، أَدَّيْتَ رِسَالَاتِ اللهِ، وَأَبْلَغْتَنَا وَحَيْهُ، وَدَعَوْتَ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ، فَجَزَاكَ اللهُ عَنَّا أَفْضَلَ مَا جَزَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِهِ. فَقَالَ لَهُمْ: «مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ، أَنَا أَنْشُدُكُمْ بِاللهِ وَبِحَقِّي عَلَيْكُمْ، §مَنْ كَانَتْ لَهُ قِبَلِي مَظْلَمَةٌ فَلْيَقُمْ فَلْيَقْتَصَّ مِنِّي قَبْلَ الْقِصَاصِ فِي الْقِيَامَةِ»، فَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ، فَنَاشَدَهُمُ الثَّانِيَةَ، فَلَمْ يَقُمْ إِلَيْهِ أَحَدٌ، فَنَاشَدَهُمُ الثَّالِثَةَ: «مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ، مَنْ كَانَتْ لَهُ قِبَلِي مَظْلَمَةٌ فَلْيَقُمْ فَلْيَقْتَصَّ مِنِّي قَبْلَ الْقِصَاصِ فِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ»، فَقَامَ مِنْ بَيْنِ الْمُسْلِمِينَ شَيْخٌ كَبِيرٌ يُقَالُ لَهُ عُكَّاشَةُ، فَتَخَطَّى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، لَوْلَا أَنَّكَ -[74]- نَاشَدْتَنَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى مَا كُنْتُ بِالَّذِي أَتَقَدَّمُ عَلَى شَيْءٍ مِنْكَ، كُنْتُ مَعَكَ فِي غَزَاةٍ فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْنَا وَنَصَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُنَّا فِي الِانْصِرَافِ حَاذَتْ نَاقَتِي نَاقَتَكَ فَنَزَلْتُ عَنِ النَّاقَةِ وَدَنَوْتُ مِنْكَ لِأُقَبِّلَ فَخِذَكَ، فَرَفَعْتَ الْقَضِيبَ فَضَرَبْتَ خَاصِرَتِي، فَلَا أَدْرِي أَكَانَ عَمْدًا مِنْكَ أَمْ أَرَدْتَ ضَرْبَ النَّاقَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عُكَاشَةَ، أُعِيذُكَ بِجِلَالِ اللهِ أَنْ يَتَعَمَّدَكَ رَسُولُ اللهِ بِالضَّرْبِ، يَا بِلَالُ انْطَلِقْ إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ وَائْتِنِي بِالْقَضِيبِ الْمَمْشُوقِ». فَخَرَجَ بِلَالٌ مِنَ الْمَسْجِدِ وَيَدُهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَهُوَ يُنَادِي: هَذَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْطِي الْقِصَاصَ مِنْ نَفْسِهِ، فَقَرَعَ الْبَابَ عَلَى فَاطِمَةَ، فَقَالَ: يَا ابْنَةَ رَسُولِ اللهِ، نَاوِلِينِي الْقَضِيبَ الْمَمْشُوقَ. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا بِلَالُ، وَمَا يَصْنَعُ أَبِي بِالْقَضِيبِ وَلَيْسَ هَذَا يَوْمَ حَجٍّ، وَلَا يَوْمَ غَزَاةٍ؟ فَقَالَ: يَا فَاطِمَةُ مَا أَغْفَلَكِ عَمَّا فِيهِ أَبُوكِ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوَدِّعُ الدِّينَ، وَيُفَارِقُ الدُّنْيَا، وَيُعْطِي الْقِصَاصَ مِنْ نَفْسِهِ. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا بِلَالُ وَمَنِ الَّذِي تَطِيبُ نَفْسُهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ؟ يَا بِلَالُ، إِذًا فَقُلْ لِلْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ يَقُومَانِ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَيَقْتَصُّ مِنْهُمَا وَلَا يَدَعَانِهِ يَقْتَصُّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَدَخَلَ بِلَالٌ الْمَسْجِدَ وَدَفَعَ الْقَضِيبَ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقَضِيبَ إِلَى عُكَّاشَةَ. فَلَمَّا نَظَرَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ إِلَى ذَلِكَ قَامَا، فَقَالَا: يَا عُكَّاشَةُ، هَا نَحْنُ بَيْنَ يَدَيْكَ فَاقْتَصَّ مِنَّا وَلَا تَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «امْضِ يَا أَبَا بَكْرٍ، وَأَنْتَ يَا عُمَرُ فَامْضِ، فَقَدْ عَرَفَ اللهُ تَعَالَى مَكَانَكُمَا وَمَقَامَكُمَا». فَقَامَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ فَقَالَ: يَا عُكَّاشَةُ، إِنَّا فِي الْحَيَاةِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا تَطِيبُ نَفْسِي أَنْ تَضْرِبَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَذَا ظَهْرِي وَبَطْنِي اقْتَصَّ مِنِّي بِيَدِكَ، وَاجْلُدْنِي مِائَةً، وَلَا تَقْتَصَّ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَلِيُّ، اقْعُدْ، فَقَدَ عَرَفَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَكَانَكَ وَنِيَّتَكَ». وَقَامَ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ فَقَالَا: يَا عُكَّاشَةُ، أَلَسْتَ تَعْلَمُ أَنَّا سِبْطَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَالْقَصَاصُ مِنَّا كَالْقَصَاصِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ -[75]- لَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اقْعُدَا يَا قُرَّةَ عَيْنِي، لَا نَسِيَ اللهُ لَكُمَا هَذَا الْمَقَامَ». فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عُكَّاشَةُ، اضْرِبْ إِنْ كُنْتَ ضَارِبًا». فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ضَرَبْتَنِي وَأَنَا حَاسِرٌ عَنْ بَطْنِي. فَكَشَفَ عَنْ بَطْنِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَاحَ الْمُسْلِمُونَ بِالْبُكَاءِ، وَقَالُوا: أَتُرَى عُكَّاشَةَ ضَارِبًا بَطْنَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَلَمَّا نَظَرَ عُكَّاشَةُ إِلَى بَيَاضِ بَطْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَأَنَّهُ الْقَبَاطِيُّ لَمْ يَمْلِكْ أَنْ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَ بَطْنَهُ، وَهُوَ يَقُولُ: فِدَاكَ أَبِي وَأُمِّي، وَمَنْ تُطِيقُ نَفْسُهُ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْكَ؟ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِمَّا أَنْ تَضْرِبَ وَإِمَّا أَنْ تَعْفُوَ». فَقَالَ: قَدْ عَفَوْتُ عَنْكَ رَجَاءَ أَنْ يَعْفُوَ اللهُ عَنِّي يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى رَفِيقِي فِي الْجَنَّةِ فَلْيَنْظُرْ إِلَى هَذَا الشَّيْخِ». فَقَامَ الْمُسْلِمُونَ فَجَعَلُوا يُقَبِّلُونَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَيَقُولُونَ: طُوبَاكَ طُوبَاكَ، نِلْتَ دَرَجَاتِ الْعُلَى وَمُرَافَقَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَمَرِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ يَوْمِهِ فَكَانَ مَرِيضًا ثَمَانِيَةَ عَشَرَ يَوْمًا يَعُودُهُ النَّاسُ. وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَبُعِثَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ، وَقُبِضَ فِي يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ ثَقُلَ فِي مَرَضِهِ، فَأَذَّنَ بِلَالٌ بِالْأَذَانِ ثُمَّ وَقَفَ بِالْبَابِ فَنَادَى: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَرَحْمَةُ اللهِ، الصَّلَاةَ يَرْحَمُكَ اللهُ. فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ بِلَالٍ فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: يَا بِلَالُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ. فَدَخَلَ بِلَالٌ الْمَسْجِدَ، فَلَمَّا أَسْفَرَ الصُّبْحُ قَالَ: وَاللهِ لَا أُقِيمُهَا أَوْ أَسْتَأْذِنُ سَيِّدِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَرَجَعَ وَقَامَ بِالْبَابِ وَنَادَى: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَرَحْمَةُ اللهِ، الصَّلَاةَ يَرْحَمُكَ اللهُ. فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ بِلَالٍ فَقَالَ: «ادْخُلْ يَا بِلَالُ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ؛ مُرْ أَبَا بَكْرٍ يُصَلِّي بِالنَّاسِ». فَخَرَجَ وَيَدُهُ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ وَهَوَ يَقُولُ: وَاغَوْثَاهُ بِاللهِ، وَانْقِطَاعُ رَجَائِي وَانْقِصَامُ ظَهْرِي، لَيْتَنِي لَمْ تَلِدْنِي أُمِّي، وَإِذْ وَلَدَتْنِي لَيْتَنِي لَمْ أَشْهَدْ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا الْيَوْمَ. ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ أَلَا إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -[76]- أَمَرَكَ أَنْ تُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَتَقَدَّمَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِلنَّاسِ، وَكَانَ رَجُلًا رَقِيقًا فَلَمَّا نَظَرَ إِلَى خُلُوِّ الْمَكَانِ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَتَمَالَكْ أَنْ خَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ وَصَاحَ الْمُسْلِمُونَ بِالْبُكَاءِ، فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَجِيجَ النَّاسِ فَقَالَ: مَا هَذِهِ الضَّجَّةُ؟ فَقَالُوا: ضَجَّةُ الْمُسْلِمِينَ لِفَقْدِكَ يَا رَسُولَ اللهِ. فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالْعَبَّاسَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فَاتَّكَأَ عَلَيْهِمَا فَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِالنَّاسِ رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ ثُمَّ أَقْبَلَ بِوَجْهِهِ الْمَلِيحِ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: «مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، اسْتَوْدَعْتُكُمُ اللهَ أَنْتُمْ فِي رَجَاءِ اللهِ وَأَمَانِهِ، وَاللهُ خَلِيفَتِي عَلَيْكُمْ، مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ، عَلَيْكُمْ بِاتِّقَاءِ اللهِ، وَحِفْظِ طَاعَتِهِ مِنْ بَعْدِي، فَإِنِّي مَفَارِقٌ الدُّنْيَا، هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ مِنَ الْآخِرَةِ، وَآخَرُ يَوْمٍ مِنَ الدُّنْيَا». فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْإِثْنَيْنِ اشْتَدَّ بِهِ الْوَجَعُ، وَأَوْحَى اللهُ تَعَالَى إِلَى مَلَكِ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنِ اهْبِطْ إِلَى حَبِيبِي وَصَفِيِّي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَحْسَنِ صُورَةٍ، وَارْفُقْ بِهِ فِي قَبْضِ رُوحِهِ، فَهَبَطَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَوَقَفَ بِالْبَابِ شِبْهَ أَعْرَابِيٍّ ثُمَّ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنَ الرِّسَالَةِ، وَمُخْتَلَفَ الْمَلَائِكَةَ، أَأَدْخُلُ؟ فَقَالَتْ عَائِشَةُ لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: أَجِيبِي الرَّجُلَ. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: آجَرَكَ اللهُ فِي مَمْشَاكَ يَا عَبْدَ اللهِ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ. فَنَادَى الثَّانِيَةَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَا فَاطِمَةُ أَجِيبِي الرَّجُلَ. فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: آجَرَكَ اللهُ فِي مَمْشَاكَ يَا عَبْدَ اللهِ، إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَشْغُولٌ بِنَفْسِهِ. ثُمَّ دَعَا الثَّالِثَةَ ثُمَّ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ يَا أَهْلَ بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَمَعْدِنَ الرِّسَالَةِ، وَمُخْتَلَفَ الْمَلَائِكَةِ، أَأَدْخُلُ؟ فَلَابُدَّ مِنَ الدُّخُولِ. فَسَمِعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْتَ مَلَكِ الْمَوْتِ فَقَالَ: «يَا فَاطِمَةُ، مَنْ بِالْبَابِ؟» فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ رَجُلًا بِالْبَابِ يَسْتَأْذِنُ بِالدُّخُولِ، فَأَجَبْنَاهُ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، فَنَادَى فِي الثَّالِثَةِ صَوْتًا اقْشَعَرَّ مِنْهُ جِلْدِي وَارْتَعَدَتْ فَرَائِصِي. فَقَالَ لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا فَاطِمَةُ، أَتَدْرِينَ مَنْ بِالْبَابِ؟ هَذَا هَادِمُ اللَّذَّاتِ، وَمُفَرِّقُ الْجَمَاعَاتِ، هَذَا -[77]- مُرَمِّلُ الْأَزْوَاجِ، وَمُؤَتِّمُ الْأَوْلَادِ، هَذَا مُخَرِّبُ الدُّورِ، وَعَامِرُ الْقُبُورِ، هَذَا مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلَامُ؛ ادْخُلْ يَرْحَمُكَ اللهُ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ». فَدَخَلَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَلَكَ الْمَوْتِ، جِئْتَنِي زَائِرًا أَمْ قَابِضًا؟» قَالَ: جِئْتُكَ زَائِرًا وَقَابِضًا، وَأَمَرَنِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْكَ إِلَّا بِإِذْنِكَ، وَلَا أَقْبُضَ رُوحَكَ إِلَّا بِإِذْنِكَ، فَإِنْ أَذِنْتَ وَإِلَّا رَجَعْتُ إِلَى رَبِّي. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا مَلَكَ الْمَوْتِ، أَيْنَ خَلَّفْتَ حَبِيبِي جِبْرِيلَ؟» قَالَ: خَلَّفْتُهُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَالْمَلَائِكَةُ يُعَزُّونَهُ فِيكَ، فَمَا كَانَ بِأَسْرَعَ أَنْ أَتَاهُ جِبْرِيلُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا جِبْرِيلُ، هَذَا الرَّحِيلُ مِنَ الدُّنْيَا، فَبَشِّرْنِي مَا لِي عِنْدَ اللهِ؟» قَالَ: أُبَشِّرُكَ يَا حَبِيبَ اللهِ أَنِّي تَرَكْتُ أَبْوَابَ السَّمَاءِ قَدْ فُتِحَتْ، وَالْمَلَائِكَةَ قَدْ قَامُوا صُفُوفًا صُفُوفًا بِالتَّحِيَّةِ وَالرَّيْحَانِ، يُحَيُّونَ مِنْ رُوحِكَ يَا مُحَمَّدُ. فَقَالَ: «لِوَجْهِ رَبِّيَ الْحَمْدُ، فَبَشِّرْنِي يَا جِبْرِيلُ» قَالَ: أُبَشِّرُكَ أَنَّ أَبْوَابَ الْجَنَّةِ قَدْ فُتِحَتْ، وَأَنْهَارَهَا قَدِ اطَّرَدَتْ، وَأَشْجَارَهَا قَدْ تَدَلَّتْ، وَحُورَهَا قَدْ تَزَيَّنَتْ لِقُدُومِ رُوحِكَ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ: «لِوَجْهِ رَبِّيَ الْحَمْدُ، فَبَشِّرْنِي يَا جِبْرِيلُ». قَالَ: أَبْوَابُ النِّيرَانِ قَدْ أُطْبِقَتْ لِقُدُومِ رُوحِكَ يَا مُحَمَّدٌ. قَالَ: لِوَجْهِ رَبِّي الْحَمْدُ، فَبَشِّرْنِي يَا جِبْرِيلُ ". قَالَ: أَنْتَ أَوَّلُ شَافِعٍ، وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. قَالَ: «لِوَجْهِ رَبِّيَ الْحَمْدُ، فَبَشِّرْنِي يَا جِبْرِيلُ». قَالَ جِبْرِيلُ: يَا حَبِيبِي، عَمَّ تَسْأَلُنِي؟ قَالَ: «أَسْأَلُكَ عَنْ هَمِّي، وَعَنْ غَمِّي مَنْ لِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ مِنْ بَعْدِي؟ مَنْ لِصَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ بَعْدِي؟ مَنْ لِحُجَّاجِ بَيْتِ اللهِ الْحَرَامِ مِنْ بَعْدِي؟ مَنْ لِأُمَّتِي الْمُصْطَفَاةِ مِنْ بَعْدِي؟» قَالَ: أَبْشِرْ يَا حَبِيبَ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: قَدْ حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى جَمِيعِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأُمَمِ حَتَّى تَدْخُلَهَا أَنْتَ وَأُمَّتُكَ يَا مُحَمَّدُ. قَالَ: «الْآنَ طَابَتْ نَفْسِي، إِذَنْ يَا مَلَكَ الْمَوْتِ فَانْتَهِ إِلَى مَا أُمِرْتَ». فَقَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِذَا أَنْتَ قُبِضَتْ فَمَنْ يُغَسَّلُكَ؟ وَفِيمَ نُكَفِّنُكَ؟ وَمَنْ يُصَلِّي عَلَيْكَ؟ وَمَنْ يُدْخِلُكَ الْقَبْرَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عَلِيُّ، أَمَّا الْغُسْلُ فَاغْسِلْنِي أَنْتَ وَابْنُ عَبَّاسٍ يَصُبُّ عَلَيْكَ الْمَاءَ، -[78]- وَجِبْرِيلُ ثَالِثُكُمَا، فَإِذَا أَنْتُمْ فَرَغْتُمْ مِنْ غُسْلِي فَكَفِّنُونِي فِي ثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ جُدُدٍ، وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْتِينِي بِحَنُوطٍ مِنَ الْجَنَّةِ، فَإِذَا أَنْتُمْ وَضَعْتُمُونِي عَلَى السَّرِيرِ فَضَعُونِي فِي الْمَسْجِدِ، وَاخْرُجُوا عَنِّي، فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ يُصَلِّي عَلَيَّ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ، ثُمَّ جِبْرِيلُ، ثُمَّ مِيكَائِيلُ، ثُمَّ إِسْرَافِيلُ، ثُمَّ الْمَلَائِكَةُ زُمَرًا زُمَرًا، ثُمَّ ادْخُلُوا فَقُومُوا صُفُوفًا صُفُوفًا، لَا يَتَقَدَّمْ عَلَيَّ أَحَدٌ». فَقَالَتْ فَاطِمَةُ: الْيَوْمَ الْفِرَاقُ، فَمَتَى أَلْقَاكَ؟ فَقَالَ لَهَا: «يَا بُنَيَّةُ، تَلْقِينِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ الْحَوْضِ وَأَنَا أَسْقِي مَنْ يَرِدُ عَلَى الْحَوْضِ مِنْ أُمَّتِي». قَالَتْ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «تَلْقِينِي عِنْدَ الْمِيزَانِ وَأَنَا أَشْفَعُ لِأُمَّتِي». قَالَتْ: فَإِنْ لَمْ أَلْقَكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «تَلْقِينِي عِنْدَ الصِّرَاطِ وَأَنَا أُنَادِي رَبِّ سَلِّمْ أُمَّتِي مِنَ النَّارِ». فَدَنَا مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ، فَعَالَجَ قَبْضَ رُوحِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا بَلَغَ الرُّوحُ إِلَى الرُّكْبَتَيْنِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُوَّهْ». فَلَمَّا بَلَغَ الرُّوحُ إِلَى السُّرَّةِ نَادَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاكَرْبَاهُ». فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: كَرْبِي بِكَرْبِكَ الْيَوْمَ يَا أَبَتَاهُ. فَلَمَّا بَلَغَ الرُّوحُ إِلَى الثَّنْدُوَةِ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا جِبْرِيلُ، مَا أَشَدَّ مَرَارَةَ الْمَوْتِ». فَوَلَّى جِبْرِيلُ وَجْهَهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا جِبْرِيلُ، كَرِهْتَ النَّظَرَ إِلَيَّ؟» فَقَالَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: يَا حَبِيبِي، فَمَنْ تُطِيقُ نَفْسُهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيْكَ وَأَنْتَ تُعَالِجُ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ. فَقُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَغَسَّلَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ وَابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ يَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ، وَجِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ مَعَهُمَا، وَكُفِّنَ بِثَلَاثَةِ أَثْوَابٍ جُدُدٍ، وَحُمِلَ عَلَى السَّرِيرِ، ثُمَّ أَدْخَلُوهُ الْمَسْجِدَ، وَوَضَعُوهُ فِي الْمَسْجِدِ، وَخَرَجَ النَّاسُ عَنْهُ، فَأَوَّلُ مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ الرَّبُّ مِنْ فَوْقِ عَرْشِهِ تَعَالَى وَتَقَدَّسَ، ثُمَّ جِبْرِيلُ، ثُمَّ مِيكَائِيلُ، ثُمَّ إِسْرَافِيلُ، ثُمَّ الْمَلَائِكَةُ زُمَرًا زُمَرًا. قَالَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ: وَلَقَدْ سَمِعْنَا فِي الْمَسْجِدِ هَمْهَمَةً وَلَمْ نَرَ لَهُمْ شَخْصًا، فَسَمِعْنَا هَاتِفًا يَهْتِفُ وَهُوَ يَقُولُ: ادْخُلُوا رَحِمَكُمُ اللهُ فَصَلُّوا عَلَى نَبِيِّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلْنَا فَقُمْنَا صُفُوفًا كَمَا أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، -[79]- فَكَبَّرْنَا بِتَكْبِيرِ جِبْرِيلَ، صَلَّيْنَا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصَلَاةِ جِبْرِيلَ مَا تَقَدَّمَ مِنَّا أَحَدٌ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَدَخَلَ الْقَبْرَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَأَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ، وَدُفِنَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّاسُ، قَالَتْ فَاطِمَةُ لِعَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمَا: يَا أَبَا الْحَسَنِ، دَفَنْتُمْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا: كَيْفَ طَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا التُّرَابَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ أَمَا كَانَ فِي صُدُورِكُمْ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحْمَةٌ؟ أَمَا كَانَ مُعَلِّمَ الْخَيْرِ؟ قَالَ: بَلَى يَا فَاطِمَةُ، وَلَكِنْ أَمْرُ اللهِ الَّذِي لَا مَرَدَّ لَهُ. فَجَعَلَتْ تَبْكِي وَتَنْدُبُ وَهِيَ تَقُولُ: يَا أَبَتَاهُ، الْآنَ انْقَطَعَ عَنَّا جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْتِينَا بِالْوَحْيِ مِنَ السَّمَاءِ "

الصفحة 73