كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 4)

§مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ وَمِنْهُمُ الْحَكِيمُ الْيَقْظَانُ أَبُو أَيُّوبَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ إِمَامُ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ، حَمِيدُ السِّيرَةِ، سَدِيدُ السَّرِيرَةِ. وَقِيلَ: إِنَّ التَّصَوُّفَ اعْتِقَالُ السَّرِيرَةِ وَاحْتِمَالُ الْجَرِيرَةِ
حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ الْبَغْدَادِيُّ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ الْجُبَيْرِيُّ، ثنا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: «§لَا تُمَارِيَنَّ عَالِمًا، وَلَا جَاهِلًا، فَإِنَّكَ إِنْ مَارَيْتَ عَالِمًا خَزَنَ عَنْكَ عَلْمَهُ، وَإِنْ مَارَيْتَ جَاهِلًا خَشُنَ بِصَدْرِكَ»
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سَلْمٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَلِي الْأَبَّارُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، ح. وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عِقَالَ الْحَرَّانِيُّ، ثنا أَبُو جَعْفَرٍ النُّفَيْلِيُّ، قَالَا: ثنا عَتَّابُ بْنُ بَشِيرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ بَذِيمَةَ، قَالَ: قِيلَ لِمَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ: يَا أَبَا أَيُّوبَ، §مَا لَكَ لَا تُفَارِقُ أَخًا لَكَ عَنْ قِلًى؟ قَالَ: «إِنِّي لَا أُمَارِيهِ وَلَا أُشَارِيهِ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الرَّقِّيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمِّيَ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ يَقُولُ: «§مَا كَانَ أَبِي بِكَثِيرِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ، وَلَكِنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ أَنْ يُعْصَى اللهُ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدُوسٍ الْحَرَّانِيُّ، ثنا يَزِيدُ بْنُ قُبَيْسٍ، ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْحَلَبِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: " خَرَجْتُ بِأَبِي أَقُودُهُ فِي بَعْضِ سِكَكِ الْبَصْرَةِ، فَمَرَرْتُ بِجَدْوَلٍ فَلَمْ يَسْتَطِعِ الشَّيْخُ يَتَخَطَّاهُ، فَاضْطَجَعْتُ لَهُ فَمَرَّ عَلَى ظَهْرِي، ثُمَّ قُمْتُ فَأَخَذْتُ بِيَدِهِ، ثُمَّ دَفَعْنَا إِلَى مَنْزِلِ الْحَسَنِ فَطَرَقْتُ الْبَابَ فَخَرَجَتْ إِلَيْنَا جَارِيَةٌ سُدَاسِيَّةٌ فَقَالَتْ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: هَذَا مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ أَرَادَ لِقَاءَ الْحَسَنِ فَقَالَتْ: كَاتِبُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ؟ قُلْتُ لَهَا: نَعَمْ. قَالَتْ: يَا شَقِيُّ، §مَا بَقَاؤُكَ إِلَى هَذَا الزَّمَانِ السُّوءِ؟ قَالَ: فَبَكَى الشَّيْخُ، فَسَمِعَ الْحَسَنُ بُكَاءَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ فَاعْتَنَقَا، ثُمَّ -[83]- دَخَلَا، فَقَالَ مَيْمُونٌ: يَا أَبَا سَعِيدٍ قَدْ آنَسْتُ مِنْ قَلْبِي غِلْظَةً فَاسْتَلِنْ لِي مِنْهُ. فَقَرَأَ الْحَسَنُ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ. ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ. مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ} [الشعراء: 206] قَالَ: فَسَقَطَ الشَّيْخُ، فَرَأَيْتُهُ يَفْحَصُ بِرِجْلِهِ كَمَا تَفْحَصُ الشَّاةُ الْمَذْبُوحَةُ، فَأَقَامَ طَوِيلًا ثُمَّ أَفَاقَ، فَجَاءَتِ الْجَارِيَةُ فَقَالَتْ: قَدْ أَتْعَبْتُمُ الشَّيْخَ، قُومُوا تَفَرَّقُوا. فَأَخَذْتُ بِيَدِ أَبِي فَخَرَجْتُ بِهِ، ثُمَّ قُلْتُ: يَا أَبَتَاهُ، هَذَا الْحَسَنُ؟ قَدْ كُنْتُ أَحْسِبُ أَنَّهُ أَكْبَرُ مِنْ هَذَا. قَالَ: فَوَكَزَنِي فِي صَدْرِي وَكْزَةً ثُمَّ قَالَ: يَا بُنَيَّ، لَقَدْ قَرَأَ عَلَيْنَا آيَةً لَوْ فَهِمْتَهَا بِقَلْبِكَ لَأَبْقَى لَهَا فِيكَ كُلُومٌ "

الصفحة 82