كتاب حلية الأولياء وطبقات الأصفياء (اسم الجزء: 4)

§يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ وَمِنْهُمُ الْمُنِيبُ الْأَقْوَمُ يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ، ثنا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ، قَالَ: لَقِيتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهَا وَهِيَ مُقْبِلَةٌ مِنْ مَكَّةَ أَنَا وَابْنٌ لِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِهَا، وَقَدْ كُنَّا وَقَعْنَا فِي حَائِطٍ مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ فَأَصَبْنَا مِنْهَا، فَبَلَغَهَا ذَلِكَ، فَأَقْبَلَتْ عَلَى ابْنِ أُخْتِهَا تَلُومُهُ وَتَعْذِلُهُ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيَّ فَوَعَظَتْنِي مَوْعِظَةً بَلِيغَةً، ثُمَّ قَالَتْ: «§أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ اللهَ تَعَالَى سَاقَكَ حَتَّى جَعَلَكَ فِي بَيْتِ نَبِيِّهِ، ذَهَبَتْ وَاللهِ مَيْمُونَةُ وَرُمِيَ برَسَنُكَ عَلَى غَارِبِكَ، أَمَا إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ أَتْقَانَا لِلَّهِ، وَأَوْصَلِنَا لِلرَّحِمِ»
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلٍ، ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، ثنا كَثِيرُ بْنُ هِشَامٍ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، ثنا يَزِيدُ بْنُ الْأَصَمِّ: أَنَّ رَجُلًا كَانَ ذَا بَأْسٍ وَكَانَ يُوفَدُ عَلَى عُمَرَ لِبَأْسِهِ، وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، وَأَنَّ عُمَرَ فَقَدهُ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقِيلَ لَهُ: تَتَابَعَ فِي هَذَا الشَّرَابِ، فَدَعَا كَاتِبَهُ فَقَالَ: اكْتُبْ: مِنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ إِلَى فُلَانٍ، سَلَامٌ عَلَيْكَ، فَإِنِّي أَحْمَدُ إِلَيْكَ اللهَ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ {غَافِرَ الذَّنْبِ، وَقَابِلَ التَّوْبِ، شَدِيدَ الْعِقَابِ، ذِي الطَّوْلِ، لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [غافر: 3]، ثُمَّ دَعَا وَأَمَّنَ مَنْ عِنْدَهُ، وَدَعَوْا لَهُ أَنْ يُقْبِلَ اللهُ بِقَلْبِهِ، وَأَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا أَتَتِ الصَّحِيفَةُ الرَّجُلَ جَعَلَ يَقْرَأُهَا وَيَقُولُ: {غَافِرِ الذَّنْبِ} [غافر: 3]، قَدْ وَعَدَنِي اللهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي، وَ {قَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ} [غافر: 3] قَدْ حَذَّرَنِي اللهُ عِقَابَهُ، {ذِي الطَّوْلِ} [غافر: 3] وَالطَّوْلُ الْخَيْرُ الْكَثِيرُ، {لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ} [غافر: 3]، فَلَمْ يَزَلْ يُرَدِّدُهَا عَلَى نَفْسِهِ، ثُمَّ بَكَى، ثُمَّ نَزَعَ -[98]- فَأَحْسَنَ النَّزْعَ، فَلَمَّا بَلَغَ عُمَرَ أَمْرُهُ قَالَ: هَكَذَا فَاصْنَعُوا، §إِذَا رَأَيْتُمْ أَخًا لَكُمْ زَلَّ زَلَّةً فَسَدَّدُوهُ، وَوَفِّقُوهُ، وَادْعُوا اللهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِ، وَلَا تَكُونُوا عَوْنًا لِلشَيْطَانِ عَلَيْهِ "

الصفحة 97